منوعات

رواية ما خلف الجدران (كامله جميع الفصول) بقلم نورا سعد

من خلال موقع بليري برس تستعرض معكم في هذا المقال ،رواية ما خلف الجدران (كامله جميع الفصول) بقلم نورا سعد ، لمزيد من التفاصيل حول المقال تابع القراءة

رواية ما خلف الجدران الفصل الاول 1 بقلم نورا سعد 

الفصل الاول 

– وأنا مش هخلي حد يقرب مِنك غيري يا نور 

– وأنا مبحبكش يا يوسف، القلوب مش في أيدينا.

حسيت أن الجملة قاسية، عشان كده تراجعت عن حدتي معاه وقولت بهدوء:

– يوسف أنا مش قصدي اضايقك؛ بس..بس أنا حقيقي مش عارفه أحبك، حاولت ومعرفتش.

كنت براقب تعابير وشّه اللي بتتحول مع كل حرف بقوله، كنت عارفه أن كلامي مؤذي بس …بس دي الحقيقة! وقبل ما أحاول أجمّل كلامي للمرة التانية لقيته هو بيقولي بكل إصرار وحِدة:

– بس أنا بحبك يا نور، وهفضل وراكِ لحد ما تحبيني، أنتِ سامعه؟

خلص كلامه وسبني ومِشي، خدت نفَسي أنا وببص عليه، مكنش عندي كلام تاني أقوله، متهيألي كل اللي ممكن أقوله أتلخص لما قولتلها أني مش بحبه! أصل…أصل الحب مش بالعافية، هو جاري من زمان، وأنا عارفه أنه بيحبني، بس أنا معرفتش أحبه أبدًا، حاولت وفشلت؛ بس هو مش متقبل ده أبدًا، حاسه أنه بقى محصرني من كل ناحية! في كل مكان بشوفه؛ وكأنه بيراقب خطواتي مثلًا! بقيت حاه بخانقة وحصار من كل إتجاه! حقيقي الموضوع مش لطيف…مش لطيف أبدًا.

                          ***************

– أنا جاهزة، ها أنزل؟

– معلش يا نور، أنا بس مش هعرف أنزل النهاردة.

تالت مرة في نفس الأسبوع يعتذر! وكأنه بيتهرّب مِني! المفروض أن أنا ونادر بنحب بعض ومرتبطين؛ وأخر الشهر هيجي يطلب أيدي من أخويا لما يرجع من السفر..بس هو متغيّر! بقاله أسبوع غريب، مش بيرد عليا، مش بنسهر نرغي في التليفون زي العادة، مبقاش عايز يشوفني خالص! بقيت أنا اللي بجري وراه عشان أشوفه! بعد ما قفلت معاه بدقايق؛ لقيت صاحبه منزّل على الفيسبوك صورة ليهم على القهوة؛ معنى كده أنه معاه! وفي ثواني كنت بكلمه في التليفون من تاني وبنفجر فيه:

– هو أنت بتتهرب مِني يا نادر؟ بتقولي مش هتعرف تنزل من البيت وأنت على القهوة! هو في إيه بالظبط؟

وبعد ثواني من السكوت أتكلم، أتكلم بعدم أهتمام وخنقة وصلتلي من صوته لما قال:

– ما كفاية نكد يا نور، قاعد مع صاحبي هو أنا مش ورايا غيرك؟

حسيت أنه بيقول أي كلام ملوش علاقة بسؤالي! وبعصبية كنت بزعق وبقوله:

– بقولك إيه عشان نقفل الكلام الل ملوش لازمة ده؛ أنا هستناك دلوقت في الكافية اللي بنقعد فيه، ياريت متتأخرش عليا.

وقفلت المكالمة منغير ما أسمع رده، وشّي أحمر من كُتر الانفعال، كنت باخد نفسي بصعوبة، مكنتش فاهمة هو بيعمل كده ليه! بس كل حاجة هتبان…أكيد هتبان.

– ممكن أعرف مالك بقالك اسبوع؟ حصل إيه مخليك متغير كده؟

كان واقف قدامي بشكل غريب! شكل غريب عن عيوني، مش ده نادر اللي لما بيشوفني عيونه بتتنطت من الفرحة، مش ده اللي كان بيقابلني ومش بيكون عارف يعملي إيه يفرحني، ده شخص تاني، شخص تاني واقف بلا أهتمام وحاطط أيده في جيوبه وبيبصلي بقرف! وقبل ما أصرخ في وشّه للمرة التانية عشان ينطق ويفهمني في إيه كان هو بيتكلم وبيقول بنبرة غريبة على وداني مِنه هو بالتحديد:

– بحاول مكنش ملزق يا نور.

مفهتمش الجملة، عقدت حواجبي أنا وبقرب منه خطوة وبسأله:

– يعني إيه؟

في لحظة ملامحه أتحولت! ملامحه بقت حادة، ضيّق عيونه وبانفعال كان بيقول اللي متوقعتش أنه يقوله في يوم أبدًا!

– هو مش أنتِ كنتِ بتقولي عليا أني عيل ملزق وسمج؟ مش أنا العيل الرخم اللي بتستتقلي دمه يا نور؟ قوليلي إيه اللي أتغير؟ إيه اللي غيّر رأيك للدرجادي فيا؟ إيه؟؟ حبيتي تثبتي لصحابك أنك جامدة وتقدري ترتبطي بشخص أنتِ مش طيقاه صح؟

كنت حاسه كأن حد دلق عليا مياة ساقعة متلجة! في لحظة جسمي تلج، أعصابي باظت وكنت بترعش! وشّي أتحوّل للون الأصفر من الخضة! مكنتش أتوقع… مكنتش أتوقع أن كلام من سنين يوصله! وغصب عني وبدون إرادة كنت بنكر اللي قاله رغم أنه حقيقة! أنكرت بصوت ضعيف مش ظاهر أنا وبقوله:

– إيه اللي أنت بتقوله ده؟ ده…ده مش حقيقي!

وفي لحظة لقيته بيصدمني للمرة التانية! فاجأة لقيت…لقيت الـ chat اللي كان بيني أنا وصاحبتي من سنتين في أيده وعلى تليفونه! أزاي؟! ده معناه….معناه أن صاحبة عمري باعتني! كنت حاسه أني في دوامه ومحدش خرجني منها غير صوته المتعصب هو وبيزعق من جديد وبيقول:

– إيه خرستي دلوقت؟؟ ما تردي! مش ده كلامك؟

دموعي نزلت منغير ما أحس، قربت خطوة وبصوت ضعيف مخنوق كنت بحاول أنطق بأي كلمات تخرجني من الموقف ده…أو تحسن شكلي قدامه مثلًا!

– ده كان… كان زمان..قبل ما أعرفك يا نادر، قبل …قبل ما أحبك!

مهتمش لكلامي، ولا حتى لدموعي، كل اللي عمله أنه سبني ومِشي بعد ما أداني ضهره! مفهتمش حاجة، حسيت أن كل حاجة انتهت…بس..بس هو عرف منين! ازاي وصل للـchat! معقول تكون فعلًا باعتني!

                              ********
– نور عاملة إيه.

– أنتِ أتكلمتي مع نادر في حاجة يا دنيا؟

– حاجة! حاجة إيه؟

قالتها بتعجب عرفت تمثله كويس، لكن أنا كنت خلاص جبت أخري من كُتر الأستعباط، زقتها بعصبية وبصراخ كنت بقولها:

– أنتِ هتستعبطي؟ مش أنتِ اللي روحتي وريتي لنادر الـ chat اللي بنا القديم، اللي كنت بكلمك فيه عليه يا دنيا.

مهتمش لزقّي ليها، قربت مني خطوة وبنفس ملامح التعجب لقتها بتسألني:

– أزاي يعني؟ وهوريله حاجة زي دي ليه؟ وأنا مالي بنادر أصلًا!

هنا وأنهارت، حسيت أن كل اللي بيحصل بيوصلني لنقطة وحدة! نقطة مكنتش أتخيل أني أوصلها أبدًا!

– قولي لنفسك ليه يا دنيا، إيه الل يخليكِ تعملي كده غير لو..لو عايزانا نسيب بعض عشان أنتِ بتحبيه مثلًا! 

هنا ولقيت ملامحها أتحولت، أتحولت لوحدة تانية مُنفعله ومتعصبه، وقفت قصادي هي وبتزعق فيا بكل غضب؛ وكأني أنا اللي أتهمتها بحاجة غلط مثلًا! 

– أنتِ أتجننتي ولا إيه! إيه اللي بتفكري فيه ده! أنا معرفش الحاجات دي وصلتله أزاي.

سكتت هي وبتلِف حوالين نفسها وبتتنفس بعنف، وقفت قصادي تاني وقالت بصوت أهدى:

– أنا معرفش الحاجات دي وصلتله أزاي؛ بس اللي أعرفه أني عمري ما فكرت في الهبل اللي بتقوليه ده!

وغصب عني دموعي نزلت من تاني، قربت منها وبصوت ضعيف كنت بقولها:

-يمكن متكُنيش بتحبيه، بس يمكن…يمكن مش عايزاني أفضل مع اللي بحبه! يمكن مستكتره عليا الحب يا دنيا!

– لا لا أنتِ شكلك أتجننتي بجد.

قالتها بعصبية شديدة، لكن أنا مقدرتش أتماسك أكتر من كده، وبكل أنهيار وغضب كنت بصرخ فيها وبقول:

– أنا بكرهك يا دنيا، بكرهك، بسببك نادر سابني، سابني بسبب حاجات مش حقيقية، أنا ..أنا مش مسمحاكِ.

خلصت كلامي وسبتها ومشيت، مهتمتش لصوتها، ولا لكلامها اللي مسمعتش منه حرف واحد، كنت ماشية ببكي وبس، كنت ببكي على حالي وعلى اللي وصلتله، ببكي على أني رجعت لوحدي تاني! كنت حاسه أن وجع قلبي الأكبر على صاحبة عمري مش نادر، قلبي كان بيبكي على عمرنا اللي قضناه سواه، وعلى اللحظة اللي خسرنا فيها بعض! كنت بسابق الريح عشان أوصل البيت، كنت عايزة أنهار جوه أوضتي، ويمكن النهاردة بس حسيت أن فعلًا مفيش مكان في الدنيا بيسيع أحزاننا غير بيوتنا، بيوتنا الصغيرة اللي بتكون دافية…بس أنا بيتي مكنش دافي. بيتي من كُتر الوحدة بقى قاسي، بقى بارد وبيأذيني فيه مش بيحتويني!

                              ********

شهر…. شهر كامل من البُكى والكئابة وبس، كنت بصحى أبكي وأبكي وأنام وأبكي وبس! وكأن الدنيا وقفت، ووسط أنهياري من العالم ملقتش غير يوسف هو اللي بيراضيني! رغم رفضي ليه بس كان بيحاول يطمنّي أني مش لوحدي! كان بيحاول يوصل لقلبي بكل الطُرق! مستسلمش رغم أني قولتله أنا مش عايزاك!
قومت من على السرير وأتنقلت للكنبة، الرُكنين اللي حياتي بقت مختصرة فيهم الفترة الأخيرة، خرجت سجايري وبدأت أحُط كل حُزني جوه السجارة، ثواني ولقيت تليفوني بيرن؛ كانت دنيا، دنيا اللي حاولت توصلّي أكتر من مرة ورفضت؛ لدرجة أنها جاتلي مرة قبل كده وطردتها! وهي برضة بتحاول توصلّي؛ بس أتا مش قابله، مش عايزة أسمع صوتها، ولا أفتكر كدبها، مش عايزة أفتكر عمري اللي ضاع معاها، مش عايزة أفتكر أني كنت مخدوعه كل سنين عمري! خرجت من دوامة أفكاري على صوت خبط على الباب؛ معقول دنيا جاتلي تاني؟
وبخطوات غير مُتزنة روحت ناحية الباب، والمفاجأة أنها مكنتش دنيا؛ كان..كان يوسف!

– بحاول أوصلك مش عارف، كنت…كنت عايز أطلب منك.

سكت! كان متلخبط، ماسك في أيده ورد ومش عارف يعمل بيه إيه، حاولت أساعده؛ فقربت منه وقولت:

– كنت فاكرة دنيا اللي بترن؛ مخدتش بالي منك، أنت كنت عايز حاجة؟

حسيته أتكسف، حط أيده على شعره ولغبطة بعشوائية وفاجأة لقيته بيقدم ليا الورد اللي في أيده وقال بسرعة كبيرة:

– كنت عايز أتقدم ليكِ تاني يا نور.

لسه عايزني! رغم رفضي المستمر لسه عايزني! وبمشاعر متلخبطة كنت بقوله:

– قصدك رابع أو خامس.

وبدون لحظة تردد لقيته بيقرب مِني وبيقول:

– وعاشر وحداشر كمان يا نور، ولحد ما توافقي تتجوزيني.

المرة دي أنا اللي قربت، عيوني كانت مركزة على عيونه المُترجيه اللي بتطلب مني أوافق، وبدون تفكير لقيت نفسي بقول:

– كل مرة اختارت فيها بقلبي خسرت يا يوسف؛ واضح أن المفروض أختار اللي عايزني.

مكنش فاهم أنا عايزة أقوله إيه، ضيّق عيونه وسأل:

– يعني إيه؟

– يعني أنا موافقة على طلبك يا يوسف.

قولتها بسرعة بدون ما أفكر؛ يمكن لو فكرت شوية كمان أتراجع عن كلامي ده! وهو…وهو زي ما يكون مصدقش اللي سمعه، لقيته رجع لورا وفضل متنح فيا! وغصب عني ضحكت على شكله المُرتبك، هنا وتقريبًا أستوعب، قرب تاني وبفرحة ماليه صوته كان بيقول:

– أنتِ…أنتِ بتتكلمي بجد؟ يعني …يعني أنتِ وافقتي يا نور.

ابتسامة حزينة اترسمت على وشّى البهتان أنا وبقوله:

– موافقة يا يوسف، موافقة أني أخد اللي بحبه واللي هيشلني في عيونه .

وبعيون كلها فرحة وجبر خاطر لقيته بيقول:

– في قلبي وفي عيوني يا نور عيني.

سكت شوية وأنا معرفتش أرد؛ لكن هو أتكلم تاني بسرعة وقال:

– يبقى أخر الشهر…أخر الشهر الفرح وكتب الكتاب ماشي؟ ماشي.

وسبني ومِشي بسعادة مُفرطة! وغصب عني كنت بابتسم عليه، أحساس أن حد بيحبك مش بايعك حلو! حلو أوي كمان، كان بيتكلم بكل فرحة وحماس وكأنه فاز بيا مثلًا، حسيت في اللحظة دي أنه يستاهل..يستاهل فرصة.

                              ********

الشهر عدى بسرعة، كنت بجهز فيه كل حاجة تخص الفرح معاه هو! مكنتش لاقية حد معايا غيره، كان هو بدل الصحاب والعيلة، هه عيلة! الكلمة دي من كُتر ما أنا معرفهاش بسستغرب لما بنطقها أو بسمعها، طول عمري عايشة لوحدي، مليش حد غير أخويا…حتى هو سابني وسافر زيهم، أول لما لقى فرصة حلوة باعني! حتى لما يوسف كلمه عشان يطلب أيدي مهنش عليه ينزل مصر عشان يفرّح أخته، أو يشوف عريسها زي ما أي حد بيعمل!
بس كل ده مش مهم، كل ده عدى خلاص، النهاردة يوم فرحي، أخويا معرفش ياخد أجازة غير يوم الفرح وهو خلاص على وصول، وأنا قدامي ساعات معدودة وأكون مراته!

– مبروك يا حببتي، مبروك.

ناس كتير! القاعة مليانة ناس معرفش مين دول! أنا معرفش حد أصلًا! بعد ما كتبنا الكتاب وشوفت كمية البنات والناس اللي حواليا بصيت له؛ وهو ابتسم ليا وحضن أيدي بكفوفه كأنه بيقولي الناس دي كلها عشانك! كنت مُمتنيه لوجده معايا ولحُبه ليا، كنت مبسوطة وحاسه بسعادة متتوصفش، لكن…لكن كل شيء أتهد فوق دماغي لما لقيت دنيا داخله عليا بخطوات غير مُتزنة؛ شكلها كان غريب! السواد مزين عيونها وشكلها بهتان، كانت بهتانه شبهي قبل ما يوسف يدخل حياتي! 
كل الدُنيا وقفت لما لقتها وقفت قصادي وبتزعق فيا وفي يوسف وبتقول بشِبه أنهيار:

– كنت بتعمل كل ده عشان توصل لصاحبتي يا يوسف!

دموعها ذادت، وبصراخ أقوى كانت بتكمل كلامها وسط نظرات الناس وبتقول:

– خلتني أحكيلك ووقعتني في الكلام عشان هي تسيب حاببها وتروحلها! روحتلها وسبتني أنا!

هنا وأخويا راضي أتدخل، حاول يسألها في إيه وهي رفضت تسمع لحد، زي بالظبط ما أنا رفضت أفهم اللي بتقوله، لكن هي قربت من يوسف أكتر، مسكت طرف الچاكت بتاع البدلة وقالت بسُخرية وجعتلي قلبي:

– كنت بتعمل كل ده عشانها! كنت بتلعب بقلبي الكورة عشان توصلها هي!

ضمت كفوف أيديها وبغضب كانت بتضربه في صدره وهي بتصرخ أكتر وأكتر وبتقول:

– كنت وصلتلها بعيد عني! واخد قلبي كوبري يا يوسف! ليه؟؟؟؟ عملتلك إيه لكل ده؟؟

الغريب أنه كان سامع وساكت، مكنش بيرد ولا بيعمل أي رد فعل! وكأنه أتخدر! أعصابي كلها باظت، جسمي كان بيترعش ومتلج، وقبل ما أنطق بحرف واحد كنت بترمي بين أيدين يوسف!

                              ********
– أنا فين؟

أوضة…أوضة معرفهاش، مفهاش حد غيري، وأنا..وأنا مربوطة في سرير في وسط الأوضة بفُستان الفرح! مكنتش فاهمة، حاولت أصرخ وأستنجد بحد يجي يلحقني لكن….لكن يوسف ظهر قدامي!
كان داخل الأوضة بكل هدوء، حاطت أيده في جيوب بنطلون البدلة، قرب مِني وهو بيشاورلي أهدى! وبانفعال كنت بصرخ فيه:

– هو في إيه؟؟؟ أنا…أنا فين؟

لحظة وسكتت، أو..أو قصدي أفتكرت..أفتكرت كلام دنيا؛ صرخت فيه تاني بغضب أكتر:

– إيه اللي دنيا قالته ده؟؟ هو… هو إيه الحكاية بالظبط!

كنت حاسه نفسي أني تايهة، مش فاهمة حاجة، حاسه أني بحلم! وعشان كل حاجة تكتمل لقيت يوسف بيرد عليا وبيقولي بكل هدوء اللي في العالم:

– الحكاية أني بحبك!

ـ تروح تخطفني؟!

قولتها بعصبيه وحِدة، رفع وشّه ليا، كانت عيوونه مكسورة! ؤغم كده لقيته بيقول أكتر حاجة ترعب في العالم:

– عشان متهربيش!

مفهمتش كلامه، أو رفضت أدّي فرصة لعقلي يستوعب اللي بحيصل، ضيقت عيوني وسألت بعدم فهم وخوف من اللي جاي:

– أهرب ليه! ودنيا كان قصدها إيه؟ وأنت ليه بتعمل كده؟

دماغي كانت مشوشه بطريقة غير مُحتمله، ابتسامة غريبة ظهرت على وشّه، قرب بجسمه عليا ولقيته بيقول بهدوء:

– هتهربي عشان عرفتي يا نور.

– عرفت إيه يا يوسف؟

نطقتها برعب! رعب بياكل فيا، دماغي كانت بتألفلي أبشع السناريوهات؛ لكن اللي سمعته حرفيًا كان خارج توقعاتي كلها! 
 وبأكتر نبرة مُرعبة سمعتها في حياتي كان بيقولي:

– لما تعرفي أني ببعِد أي حد بيقرب مِنك يا نور! أي حد كان بيقرب مِنك كنت ببعِده بطريقتي.

مفهمتش كلامه، عقدت حواجبي وسألته:

– أزاي؟ قصدك إيه بالظبط؟

أتعدل في وقفته وأتحرك خطوة بعيد عن السرير، لفّ تاني وهو مركز في نقطة فاضية في الهوا وقال:

– أخوكِ، وصحابك، ودنيا، وأي حد يا نور.

أتعصبت من الألغاز، وبعصبية كنت بصرخ فيه أنا وبقرب بجسمي ناحيته وبقول:

– فهمني أنت بتقول إيه! مش فاهمة منك حاجة!

قرب مِني عشان ميكنش في بينا مسافة كبيرة، وبعصبية مماثلة ليا كان بيصرخ في وشّي وبيقول بغضب:

– مش فاهمة أني بحبك! 

نفسه كان بيعلى بطريقة مرعبة، صوته كان قوي وغضبان، رجعت بضهري لورا من الفزع، لكن هو مهديش، قرب مِني أكتر وبنبرة هادية أكتر كان بيقول:

– بحبك من وأنتِ عيلة في ثانوي.

مال براسه ناحية اليمين وهو بيترسم على وشّه ابتسامة هادية وكمل:

– كنتِ بنت جميلة وشقية، كنتِ بتتنطتي قصاد عيني، وبتكبري وبتحلوي قدام عيني، وحبك بيكبر كل ما تكبري أكتر.

بعِد عني شوية، ركز على عيوني ولقيته بيكمل كلامه وبيقول اللي مكننش أعرفه على مدار حياتي:

– ولما دخلتي الكلية روحت أتقدم ليكِ يا نور.

سكت وأنا متكلمتش، بس هو اللي كمل وقال:

– بس أخوكِ رفض!

فاجأة ملامحه أتحولت! عيونه أسودت وبقت حادة، وبنبرة كلها شر كان بيقول:

– كان لازم وقتها أبعده، وهو ساعدني بصراحة.

ختم جملته بضحكة باردة! وكأنه بيقولي أخوكِ كان سهل يبعد عنك! ركز في عيوني وكمل كلامه اللي قتلني بالبطئ:

– أول لما بعتله عقد عمل في الخليج عن طريق واحد صاحبي هو وافق، مفكرش حتى فيكِ، عشان كده مكنش يستاهل حُبك ولا قُربك، كان لازم يبعد عنك عشان أنتِ تختاري.

سكت شوية وكأنه بيفتكر، وبعد ثواني كان بيكمل كلامه وبيقول بعدم أهتمام:

– وصحابك.. أي حد كان بيقرب منك في الكلية كنت ببعِده بطريقتي، كلهم مكنوش يستحقه قُربك ده، أنا بس اللي استحقه.

ابتسم هو وبيختم جملته، مكنتش فاهمة اللي بيقوله، عقلي كان عاجز عن التفكير والفهم حتى! لكن هو مهتمش لأي رد فعل مني؛ ولقيته بيكمل كلامه وبيقول:

– لحد ما ظهرت أنا قدامك وقولتلك أني بحبك يا نور، وقتها كان ليكِ حق الأختيار.

قرب خطوة وهو مركز في ملامحي، كان مازال مُبتسم، ملامحه كانت هادية، كنت حاسه أنه بيتأمل فيا، ولكن…ولكن فاجأة لقيته أتحوّل، عيونه أسودت وكأنها بتطلع شرار، وبنبرة كلها حقد وكُره كان بيقول:

– وأنتِ مختارتنيش! فضلتي كل الناس عني، فضلتي أن الكل يقربلك وأنا لا!

دمعة نزلت من عيونه! أنا…أنا شوفتها كويس؛ بس هو مسحها بسرعة هو وبيكمل بـ…بقهر!

– أختارتي الكل إلا أنا يا نور! أختارتي كل الناس إلا اللي حبك.

نبرته أتحولت لنبرة تانية قاسية متمردة مُنتصرة! وقال:

– لحد ما أتصرفت….أتصرفت وعملت اللي بعمله كل مرة.

ابتسم، مال براسه ناحية اليمين وقال وهو راسم على وشّه نفس الابتسامة:

– بعدته عنِك هو ودنيا.

– أزاي؟

كان هو ده السؤال الوحيد الل نطقت بيه من بداية الكلام أو…أو الحكاية! أصل أكيد دي حكاية مش حقيقة أبدًا! وبكل آسف لقيته بيقولي اللي كنت خايفه اسمعه وأصدقه:

– ولا حاجة؛ فهمت دنيا أني بحبها، وجبت سيرتك أنتِ والشملول بتاعك؛ وهي عشان عبيطة قالتلي كل حاجة كنتِ بتقوليها عليه، وبصنعة لطافة الـchat اللي في تليفونها كان عندي وأتبعتله.

قرب مِني وسكت، حرّك صوابعه على خدّي وهو بيقول بابتسامة هادية:

– بس هو كان بايعك أوي، ده كأنه ما صدق يا نور!

قالها وضحك! ضحك ضحكات عاليه مستفزة! مقدرتش أمسك نفسي، حسيت…حسيت أني في حلم ولازم أفوق مِنه، لازم أصحى، وبدون وعي مِني كنت بصرخ فيه بانهيار لحد….لحد ما بقيت مش حاسه بحاجة !

يتبع ……
#ما_خلف_الجُدران
#نورا_سعد

الفصل الثاني من هنا 


في نهاية مقال رواية ما خلف الجدران (كامله جميع الفصول) بقلم نورا سعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى