روايات

رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الواحد والثلاثون 31 والثاني والثلاثون 32 بقلم اسراء علي

من خلال موقع بليري برس تستعرض معكم في هذا المقال ،رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الواحد والثلاثون 31 والثاني والثلاثون 32 بقلم اسراء علي ، لمزيد من التفاصيل حول المقال تابع القراءة

رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الواحد والثلاثون 31 والثاني والثلاثون 32 بقلم اسراء علي 

الفصل الواحد والثلاثون
ملكة_على_عرش_الشيطان

الحُب لا يُمكن أن تتعلمه أو تدرسه…

الحُب يأتي كـ نعمة…

يقف أمام نهر النيل مُنذ عودتهِ من تلك المدينة..شارد الذهن لم يكن ليُصدق أن تلك الراقصة كانت السبب بـ مقتل شقيقته و والدته..غبية تلك المعلومات التي أرسلتها كانت الخيط الرئيسي بـ معرفتهِ لأمرها

مسح على خُصلاتهِ بـ عصبية لن يستطيع قتلها فـ هي تحمل إبنه كما عَلِمَ من إحداهن التي تعمل لديها بـ الملهى الخاص بها..الأمور تتعقد و تتشابك أكثر مما يظن ولكن أكثر ما يشغل باله هل يعلم أرسلان؟!

أنزل يده يمسح على وجهه فـ أجفلته برودة الحلقة الفضية..أبعد يده بـ مستوى عينيه وحدق بها بـ غرابة

“خائن”

تبادرت إلى ذهنهِ هذه الكلمة وهو يُحدق بها إن كان قد إتهم سديم بـ الخيانة قبلًا فما الذي يفعله الآن سوى أنه يخون رحمة بـ وضع حلقة أُخرى بـ يده..كور قبضته بـ غضب ساحق وفجأة نزعها من يده ورفع ذراعه وقبل أن يُلقيها هتف بـ ألم

-هنهي حُبك يا سديم..هنهيه لأن من حقي أعيش…

ثم ألقى الحلقة الذهبية بـ طول ذراعه ليستدير بعدها راحلًا بعدما أخذ نفسًا عميق وكأنه يتنفس لأول مرة

صعد سيارته ثم أدار المُحرك وإنطلق عائدًا إلى منزلهِ حيث رحمة وطفلهِ..نعم وليد هو طفلهِ و هي زوجته

***********************************

أطفأ المُحرك ثم ترجل من السيارة وصعد إلى شقته..فتح الباب ودلف

إلتفت ليدلف إلى الغُرفة ولكنه تسمر حينما لمح رحمة تقف أمامه بـ ثوبها الذي إبتاعه..إتسعت عينا قُصي أمام تلك الرقة الذي جعلت نبضة تلو الأُخرى تخرج عن مُعدلها المُعتاد

وكأن ذلك الثوب قد كُتب لها وفقط..عيناها تتلألأ بـ حماس جعل عيناه هوالآخر تشتعل بـ حماس مُماثل..خُصلاتها الرائعة تعقدها على هيئة جديلة ثم رفعتها لتكون كعكة و بعض الخُصلات تتناثر بـ عفوية حول وجهها لتُزيد الرقة التي تُحيط بها

فغر فاه وهي تلتف حول نفسها ثم ضحكت بـ براءة وتساءلت

-إيه رأيك!..حلو!…

إبتلع قُصي ريقه بـ صعوبة وقد ظهر ذلك نتيجة إلتواء “تُفاحة آدم” بـ عنقهِ..ثم تقدم منها وعيناه ترسمان طلتها هامسًا

-حينما تتجسد الرقة…

توردت وجنتيها بـ خجل ثم قالت ضاحكة وهي تنظر إلى عينيه التي تأبى الإزاحة عن خاصتها

-يعني بجد حلو؟!…

أبعد قُصي خُصلة عن وجنتها ثم أردف وهو يُداعب وجهها بـ أصابعهِ

-هو فيه بعد كدا حلاوة…

ضحكت وهي تُخفض وجهها بـ خجل ثم قالت وهي تتراجع خطوتين 

-طب يلا الغدا جاهز
-رفع قُصي حاجبه وقال:اممم غدا!..في حاجة ولا إيه؟!
-أردفت رحمة سريعًا:لا والله أبدًا…

مال بـ رأسهِ لتقول وهي تتلاعب بـ أصابعها ك تلميذة مُذنبة

-حبيت أشكرك على الهدية دي..أنت متعرفش هي فرحتني أد إيه!…

أمسك كفها وجذبها إليه يُعانق جسدها ثم أردف وهو يُقبل جبينها

-غبية..أنا هنا عشان أفرحك ومش مستني منك شكر…

حاوط وجهها ثم أبعدها عنه وقال بـ إبتسامتهِ الدافئة فـ جعلت قلبها يضطرب

-ما هو أنا مبقاش راجل لو أهنت مراتي أو كسرت فرحتها أبدًا..عاوزك تفهمي يا رحمة إني مش وحش ولا إني إتجوزتك عشان أهينك لأ..أنتِ مينفعش أصلًا تفكري كدا..طالما بقيتي على اسمي يبقى هتفضلي مسئولة مني لحد أما أموت..فاهمة!…

تلألأت العبرات بـ مُقلتيها تأثرًا لحديثهِ لتُحرك رأسها لأعلى وأسفل تُوافقه إلا أنه قال بـ إبتسامة مرحة

-متهزيليش راسك..عاوز أسمع صوتك
-ضحكت ثم قالت وهي تُزيل عبراتها:فاهمة…

وضع يده فوق كتفها ثم سحبها بـ إتجاه الطاولة وهو يقول بـ مرح

-طب تعالي لأحسن الأكل برد وهو ريحته بصراحة مجنناني من ساعة أما جيت
-نظرت إليه بـ نصف عين وقالت:يعني الأكل بس هو اللي مجننك!
-قطب جبينه بـ تساؤل وأردف بـ مرح:هو فيه حاجة غيره!!…

ضربت كتفه بـ كفها الصغير ثم قالت بـ غيظ وهي تدفعه

-روح غير ونام يا قُصي مفيش غدا…

ضحك قُصي وتبعها إلى حيث الطاولة..بحث بـ أرجاء المنزل ثم تساءل

-أومال وليد فين!
-أجابته رحمة:أيمن أخده يُقعد معاه…

إبتسم قُصي إبتسامة لم تفهمها ثم قال وهو يتناول ملعقته

-طب خلصي أكل بسرعة عشان ورانا شغل كتير
-قطبت جبينها وتساءلت:شُغل إيه!
-غمزها بـ شقاوة قائلًا:بعد الأكل هوضحلك…

************************************

كان غارقًا بـ أفكارهِ واضعًا يده أسفل رأسهِ وهي بين أحضانه ترتمي بـ رأسها فوق صدره ويدها تحتضن خصرهِ

تململت سديم بـ نُعاس لينظر إليها أرسلان فـ وجدها لا تزال نائمة..إبتسم بـ نعومة..مؤخرًا كلما نظر إليها كُلما إبتسم

أبعد خُصلاتها عن وجهها ثم مال إليها يُقبل شفتيها بـ خفة..ليسمع طرقات الباب لينهض سريعًا حتى لا تستيقظ سديم 

إرتدى بنطاله ثم إتجه ناحية الباب وفتحه ليجد سُمية تقف أمامه وما أن أبصرته وأبصرت جزعه العار حتى رفت بـ عينيها عدة مرات وبعدها أخفضت بصرها ثم قالت بـ تلعثم

-آآ..الغدا..جاهز وآآآ..سي..سي مُحرم مستنيكوا…

حك أرسلان خُصلاته الفحمية بـ تعبثر ثم قال بـ صوتٍ أجش

-طيب هصحي سديم وطالعين
-تنحنحت وقالت:ماشي…

أغلق أرسلان الباب بـ وجهها لتفغر فمها بـ تعجب حقيقي ثم همست وهي تضع أصابعها أسفل ذقنها

-سديم!..ومن أمتى بيقول اسمها عادي كدا!..سُبحانه مُغير الأحوال…

ضربت على فخذيها ثم قالت بـ قلة حيلة

-أما أرص باقي الأكل…

وبـ الداخل حك أرسلان خُصلاتهِ مرةً أُخرى ثم توجه إلى سديم ليجدها توليه ظهره و تدفن رأسها داخل الوسادة

تمدد فوق الفراش ثم دنى منها مُقبلًا عظمتي لوح الكتف بـ رقة وهتف بـ خفوت

-سديم!!..سديم إصحي…

تململت بـ خفة وأدارت رأسها إليه إلا أنها لم تستيقظ..أبعد خُصلاتها التي عادت تتبعثر فوق وجهها ثم إنحنى مرةً أُخرى وقَبّل كتفها المريري الظاهر وعاد يُنادي اسمها

-سديم أبوكِ مستنينا…

فتحت سديم جفنيها ليظهر زرقاوتيها الناعستين ثم هتفت وهي تُدلك عيناها

-أنت كُنت بتنادي اسمي ولا أنا بحلم!…

داعب وجنتها بـ إبهامهِ ثم أردف بـ نبرتهِ الأجشة

-لأ كُنت بنادي اسمك
-إبتسمت سديم وقالت:أصلي أول مرة من أول أما إتجوزنا أسمعك بتناديني بـ اسمي
-إبتسم أرسلان وقال:وأنتِ أول مرة تقولي اسمي إمبارح…

ضحكت سديم ثم إرتفعت بـ جزعها العلوي تتكئ إلى الفراش ثم تساءلت 

-خير مصحيني ليه!
-أبوكِ مستنينا على الغدا
-حكت سديم خُصلاتها وقالت:طيب هلبس هدومي وأطلع…

أومأ ثم إقترب يُقبل وجنتها بـ خفة ونهض..عضت سديم باطن وجنتها مُنذ متى وبينهما تلك الحميمية!..رفعت ذراعيها ثم شدتهما بـ قوة وإنحنت تُلملم ثيابها لترتديها

مشطت خُصلاتها بـ أصابعها ثم عكصتها على هيئة ذيل حصان..إلتفتت إلى أرسلان الجالس وقالت

-أنا هطلع أساعد سُمية..إبقى حصلني…

أشار بـ يده بـ موافقة لتخرج هي تُساعد سُمية..وجدتها بـ المطبخ لتدنو منها ثم قالت

-عملتي السلطة ولا أعملها؟!…

إستدارت سُمية إلى سديم وأمسكت يدها فـ تفاجأت لتقول الأولى بـ همسِ مُتساءل

-خير يا ست سديم؟!
-قطبت سديم جبينها وتساءلت:خير إيه!!
-لوت شدقها وقالت:الشيطان بكلمه بقوله إن سي مُحرم عاوزكوا فـ رد عليا وقالي هصحي سديم
-ردت سديم بـ إستنكار و بساطة:طب وفيها إيه!…

تأففت سُمية بـ ضيق ثم أردفت وهي تُضغط على ذراع سديم فـ نظرت إليها بـ تعجب

-يا ست البنات ركزي..دا بيتكلم عادي وكأنكوا متجوزين عن حُب..دا غير آخر مرة هنا لما سابك ومشي…

رفت سديم بـ عينيها عدة مرات تتذكر آخر زيارة لهما هُنا..حينما تركها ورحل كان بعد تلك القُبلة أسفل المياه..تلك كانت أول شرارة تشتعل بينهما

ضربت سديم وجنتيها بـ خجل ثم رفعت نظرها وقالت بـ توتر

-الأمور إتغيرت يا سُمية..وبعدين هو مش وحش زي ما أنا كُنت فاكرة يعني
-نظرت إليه سُمية بـ تدقيق ثم قالت فجأة:أنتِ حبتيه!…

إتسعت عينا سديم بـ بهوت وهي تنظر إلى سُمية بـ عدم إستيعاب..هي تغار نعم ولكن تُحبه!..هل هذا صحيح؟!..نصف الحُب غيرة..وضعت يديها فوق وجنتيها وهمست بـ عدم تصديق

-بحبه!!…

ضحكت سُمية وهي تبتعد عنها تجلب آخر الصحون قائلة بـ إبتسامة

-تعالي يا ست سديم..أنا عملت السلطة خلاص…

ظلت سديم واقفة بـ مكانها بـ المطبخ مُتجمدة أرضًا..تُحبه!!..هل تُحبه حقًا!..وهل يجب أن تُحبه!!

وضعت يدها فوق جبينها وقالت بـ همس مصدوم

-يارب هو أنا إيه اللي بيحصلي؟!…

************************************

ضرب مُحرم على سطح الطاولة ثم نظر إلى سديم بـ غضب قائلًا

-قومي جوزك يلبس يا سديم..في حريم غيره فـ البيت…

عضت سديم على شِفاها السُفلى بـ خجل من والدها ثم نظرت إلى أرسلان الذي يجلس بـ أريحية وجزعه العلوي عار..وضعت يدها تُخفي وجهها ثم نهضت وإتجهت إليه هامسة بـ أُذنهِ

-قوم معايا…

حدق بها بـ ملل ثم نهض بـ بُطء لتجذبه سديم إلى الغُرفة..أغلقت الباب تتكئ عليه وقالت بـ صوتٍ مكتوم

-يعني ينفع كدا!..إزاي أصلًا تفكر تطلع كدا؟!…

إقترب أرسلان منها ثم حاوطها وقال بـ هدوء وتسلية

-متعود على كدا..وبعدين عادي يعني
-توترت سديم ولكنها قالت:أنا مش قولتلك متطلعش بالمنظر دا..مش فاكر آخر مرة كُنا هنا!…

مط أرسلان شفتيه بـ بساطة وقال بـ خُبث

-المرة اللي فاتت كانت فوطة..بس المرادي بنطلون فـ فكرته عادي…

حدقت به سديم بـ يأس قبل أن تضحك وهي تقول بـ قلة حيلة

-هي المُشكلة فـ بنطلون أو فوطة!!..أومال اللي فوق دا نعمل فيه إيه!
-غمزها أرسلان بـ عبث قائلًا:نغض البصر…

ضحكت سديم بـ ملئ فِيها حتى عادت رأسها إلى الخلف..ليبتسم أرسلان ثم.دنى يُقبل عُنقها لتصرخ بـ صوتٍ خفيض وهمست وهى لا تزال تضحك

-بس يا أرسلان..المفروض تلبس ونطلع ناكل…

صعد بـ قُبلاتهِ إلى فكها ثم إستند بـ جبينه إلى جبينها وتساءل بـ هدوء

-لازم يعني!…

أومأت بـ ما يسمح لها من مساحة وهى تبتسم ليبتعد أرسلان عنها ثم قال وهو يلتقط قميصه الأسود

-إطلعي يلا…

فتحت الباب ثم خرجت يتبعها أرسلان وهو يُغلق أزرار قميصه

توقفت سديم وهي ترى والدها ينظر إليها بـ نظرات علمت فحواها لتُخفض رأسها ثم جلست فوق مقعدها ليتناولوا الغداء بـ صمت

أردف مُحرم بـ ملامح مُتجهمة موجهًا حديثه إلى أرسلان دون النظر إليه

-أنت وعدت هتطلق بنتي لما تبقى فـ أمان..ليه متطلقتهاش لحد دلوقتي؟!
-همست سديم بـ صدمة وهي مُتسعة العينين:بابا!!…

أما أرسلان لم يهتز له جِفن فـ أكمل تناول الطعام بـ هدوء حتى أجاب بـ برود ثلجي جعل مُحرم يغضب

-والله يا عمي أنا شايف إن دي حياتي أنا وهي..لما نقرر ننفصل هنعملها
-عمى الدبب…

تلاعبت سديم بـ غطاء الطاولة لتنتفض عندما وجهه والدها حديثه إليها بـ صوتٍ جهوري ، غاضب

-وأنتِ يا ست الدكتورة إتخليتي عن مبادئك خلاص!..هتفضلي على ذمة واحد قاتل؟!..مش دا اللي مُكنتيش طيقاه!
-إبتلعت سديم ريقها بـ صعوبة وقالت بـ تبعثر:بـ..بابا..أنا آآ…

قاطع حديثها أرسلان وهو يضع الملعقة أمامه ثم إلتفت إلى سديم وقال بـ إبتسامة

-معلش يا حبيبتي..ممكن تناوليني الملح!…

إرتفع حاجبي سديم بـ صدمة وخوف..حدقت بـ أرسلان بـ عدم إستيعاب ليعود ويقول

-الملح!!…

مدت سديم يدها بـ المِلح مسلوبة الإرادة ثم نظرت إلى والدها الذي تنبعث النيران من عينيه..وبينهم جميعًا كانت سُمية جالسة تُتابع ما يحدث بـ صمت دون أن تجد القُدرة على الحديث

وضع أرسلان المِلح بـ طبقهِ ثم نظر إلى مُحرم وأردف بـ جمود ولكنه لم يُخفي شراستها وغضبه الأسود

-القاتل دا هو اللي بيحمي بنتك ها..ومبادئها زي ما هي متغيرتش أنا اللي إتغيرت يا عمي العزيز..كل اللي بنتك عملته إنها إدتني فُرصة جديدة للحياة…
-همست سديم بـ لوعة:أرسلان!!…

صمت مُحرم أمام حديثه المُفاجئ على الرغم من جموده الظاهري إلا أن المشاعر التي تموج داخل عينيه جعلته يصمت..نهض أرسلان وقال بـ تجهم وملامح فاقدة الحياة

-بعد إذنكوا!!…

ثم تركهم ورحل لتنهض سديم وهي تتبعه تُناديه بـ صوتها كله

-أرسلان!!!…

ولكنه قد رحل مُغلقًا باب المنزل خلفه بـ قوة أفزعتهم جميعًا..حدقت سديم بـ الباب بـ أعين مُتألمة قبل أن تعود إلى والدها وتهمس بـ عتاب

-ليه بس كدا يا بابا!!…

ثم تركتهم وإتجهت إلى غُرفتها مُغلقة الباب خلفها لتتكئ إليه ثم إنزلقت تُحيط رُكبتيها تضمها إلى صدرها لتُخبئ وجهها وهي تجهش بـ بُكاء قوي

*************************************

كانت بين يديه نائمة عقب وقتٍ طويل قضاه الإثنين بـ الحديث والسمر..تلك الليلة جعلته أكثر من سعيد أزالت الجُزء الأكبر من همومه وإكتشف رحمة وجوانبها المرحة..كان يُخطط لقضاء الليلة بـ شكل آخر ولكنها لم تكن على أتم الإستعداد لتقبل قُربه..فـ قد رفض قُربها هو ذات يوم

إنتفض لصوت هاتفهِ الذي صدح ليجذبه سريعًا كان الوقت قد تخطى مُنتصف الليل بـ دقائق..فـ عقد حاجبيه لمن يتصل بـ هكذا وقت..أجاب دون النظر ليأتيه صوت لم يكن يتخيل أن يسمعه 

-أنت فين!…

إبتعد عن رحمة ليخرج عن الغُرفة حتى لا يُزعجها بـ حديثهِ ثم أردف بـ تعجب

-أرسلان!..مالك أنت فين؟!
-أجابه بـ صوتٍ غامض:أنا تحت..إنزل
-طب ثواني…

أغلق الهاتف ثم سحب مفاتيحه وإرتدى حذاءه الرياضي وهبط إلى الأسفل..ليجد أرسلان مُتكئ إلى سيارتهِ وبين أصابعهِ لُفافة تبغ يُدخنها بـ شراسة

إقترب قُصي منه ثم تساءل بـ تعجب وهو يرى هيئته المزرية

-إيه اللي حصلك؟!
-سأله أرسلان بـ صوتٍ كـ الهدير:لسه بتحبها؟!…

إزداد تعجب قُصي ثم إقترب خطوة أكثر ليُجيبه وقد عَلِمَ مقصده

-وأنت جاي دلوقتي عشان تسأل السؤال دا!!…

قذف أرسلان لُفافة التبغ وجذب قُصي من تلابيبه ثم هدر بـ قوة

-رُد عليا يا حضرة الظابط…

أبعد قُصي يديه عنه ثم هدر بـ غضب هو الآخر

-أنت أكيد إتجننت..أنا متجوز دلوقتي فاهم ومستوعب!
-سألتك سؤال..جاوب عليه
-مسح قُصي على وجههِ وقال:ولو قولتلك أه هتعمل إيه!…

أغمض أرسلان عينيه ثم عاد يفتحهما وقال بـ جمود ونبرة ميتة

-يبقى ترجعها ليك…

إتسعت عيني قُصي بـ صدمة وقد عجز لسانهِ عن الحديث

إلتفت أرسلان ليرحل ولكن قُصي أمسكه وقال بـ غضب

-أستنى رايح فين!..هو إيه اللي رجعها ليك!..دي مراتك اللي بتتكلم عنها
-وعشان هي مراتي بقولك رجعها ليك
-أنا مش فاهم حاجة…

إلتفت إليه يتنهد ونظر إليه بـ ملامح ميتة ليقول قُصي بـ هدوء

-أرسلان فهمني إيه اللي حصل أنت شكلك شارب
-مفيش يا حضرة الظابط
-مفيش إزاي بس؟!..هي سديم كويسة!!…

أظلمت عيني أرسلان بـ ظلام دامس و أسودت ملامحه..ليبتسم قُصي وقد لاحظ غضبه ثم قال

-روح لمراتك يا أرسلان..أنا معرفش إيه اللي حصل بس كل اللي هقول لك إني صحيح لسه مبطلتش أحب سديم بس رحمة مراتي فُرصة ليا أعيش من تاني..خلي سديم تكون فُرصتك..عافر بيها وإبدأ من جديد وإنسى الماضي…

ربت قُصي على كتف أرسلان ذو الملامح المُظلمة ثم أكمل حديثه

-جايز اللي بينا مش هيتصلح بسهولة..بس اللي فينا هيتصلح بيهم هما مش بحد تاني..روح ليها يا أرسلان…

ثم تركه قُصي وصعد..أرسلان هو نفسه إعترف أن سديم أعطته فُرصة جديدة للحياة ولكنه يجب أن يكن جدير بها..سيقتنصها كما يجب حتى وإن كان سيتخلى عن كل ما يملكه

ضحك أرسلان وهو يسمح على خُصلاتهِ لتلك المقابلة البلهاء مع شقيقه حتمًا هو قد فَقَدَ عقله تمامًا والأكثر فُكاهه أنه ينصحه أن يعود إلى سديم…ذلك الضباب الذي أضفى الصفاء إلى حياتهِ

*************************************

بعد مرور سبعة أيام

لم تره مُنذ ذلك الوقت..مُنذ خروجه من منزلهم لم يأت ولم يتصل..كل سلواها هذه الأيام هي سُترته التي تركها دون أن يرتديها

ضمتها إلى صدرها تشتم رائحته بها..هي لم تخرج من غُرفتها قط ولم تعد إلى المنزل لأنها تعلم أنها لن تجده

سمعت طرقات الباب لتقول بـ صوتٍ ميت

-مش عاوزة أكل يا سمية…

إلا أنها تجمدت وهي تستمع إلى صوت والدها يقول بـ هدوء

-دا أنا يا سديم..إطلعي عاوز أتكلم معاكِ…

ساد الصمت طويلًا حتى ظن مُحرم أنها ستتجاهله ولكنه تفاجئ بها تفتح الباب ثم تقول بـ جمود ميت

-خير يا بابا؟!…

نظر إليها مُحرم يتأمل ملامحها الذابلة لم يكن يظن أنها تورطت به إلى تلك الدرجة..ليتنهد بـ قلة حيلة ثم أردف بـ جدية

-تعالِ معايا البلكونة نتكلم
-مينفعش هنا؟!
-حرك رأسه نافيًا:لأ…

ثم تركها وإتجه إلى الشُرفة..أغلقت سديم الباب وتبعته..جلست فوق المقعد المُخصص لها كان الطقس شديد البرودة والليل قد أسدل ستائره

إنتبهت إلى والدها الذي مد يده بـ وشاح صوفي لتضعه فوق كتفيها..بدأ مُحرم الحديث وهو ينظر إلى زرقاويها

-أنا محبتش الأمور توصل لكدا يا سديم..بس أنا خايف عليكِ يا بنتي اللي قتل عدوه فـ يوم يقتل حبيبه فـ اليوم اللي بعده
-ردت سديم بـ شراسة:أرسلان مش كدا..أرسلان كان فـ إيده يقتل ناس كتير بس هو معملهاش يا بابا..هو حماني وحمى أخوه اللي بيكره…

حكت جبينها بـ كفها المُرتعش ثم أكملت بعد خروج تنهيدة حارة من بين شفتيها

-مفهمتش دا إلا متأخر..جايز كلكوا شايفينه شيطان بس أنا اللي لوحدي شيفاه إنسان..بس إنسان إتظلم وشاف قتل عيلته بـ عينيه..شاف ظُلم القانون اللي المفروض يحميه ويحمي أمثاله..بس حتى دا كمان خذله…

حدق بها مُحرم بـ دهشة قبل أن يهمس بـ عدم تصديق

-يااه لدرجادي فهماه!
-إبتسمت سديم هازئة ثم قالت:هو شخصية مش مفهومة ولا حد يقدر يتنبئ بـ أفعاله..بس أنا دا اللي شوفته من واقع عيشته معاه..من أحداث بتحصل بتأكدلي كل يوم إنه مظلوم مش أكتر…

أرجعت خُصلاتها إلى الخلف ثم قالت بـ إبتسامة وهي تنظر إلى السماء المُلبدة بـ الغيوم الثقيلة

-لما كنت بقع فـ مُشكلة كان هو اللي بيطلع ويساعدني..جاتله أوقات كتيرة يأذيني فيها بس معملهاش..إكتشفت إنه كان عاوز يبعدني عن المستنقع دا مش يورطني معاه…

ربت مُحرم على يدها ثم قال بـ خفوت وهو ينظر إلى جانب وجهها

-يمكن هو كل دا بس هو فـ النهاية قاتل
-إبتلعت سديم ريقها وهمست:جايز دي حقيقة مش هقدر أغيرها..بي أعمل إيه فـ قلبي يا بابا!…

لمح تلك العبرات التي تتوالى الهبوط ليجذبها مُحرم إليه فـ إرتمت فوق صدرهِ تبكي بـ قوة..و والدها يربت على خُصلاتها هامسًا بـ قلة حيلة

-زي أُمك بتختار غلط…

بعد وقتٍ طويل

جلست هي بـ الشُرفة وتركها والدها بـ حُرية بعد إنهيارها بين ذراعيه..تنظر إلى الخارج تتأمل المارة بـ نظرات شاردة حتى إنتبهت حواسها لذلك الشخص الواقف بـ الطريق المُقابل لبيتها 

يتكئ إلى السيارة عاقدًا لذراعيه أمام صدرهِ وينظر إليها بـ إبتسامة لمحتها بـ صعوبة 

نهضت بـ لهفة وهي تهمس بـ سعادة وأعين لامعة

-أرسلان!!!…

ركضت إلى الداخل وهي تقفز بـ سعادة ليقول والدها الجالس بـتعجب

-رايحة فين يا بنتي!
-صرخت بـ سعادة:أرسلان تحت يابابا…

فتحت الباب ثم هبطت الدرج سريعًا يكاد قلبها يقفز من بين أضلعها بـلهفة لرؤياه..وصلت إلى البوابة الخارجية لتقف تلتقط أنفاسها وهي تنظر إليه

إبتسامة شقت وجهها بـ سعادة تكاد تُغرق الكون..على الرغم أنه تركها كل تلك المُدة إلا أنه عاد لأجلها..وضعت يديها على شفتيها لا تُصدق أنه أمامها..كانت تلمح إبتسامته التي يبتسمها مؤخرًا لها وفقط

ركضت إلى الخارج وكادت أن تعبر الطريق ولكن ظهرت سيارة من العدم لتوقفها..إتعدل أرسلان بـ وقفتهِ سريعًا وهدر بـ صوتهِ كله

-سدييييم!!…

توقف الزمن للحظات وهو يراها تُختطف أمام ناظريه..وُضعت بـ تلك السيارة التي تحركت بـ قوة أصدرت إحتكاكًا قوي

ركض أرسلان خلف السيارة حتى يلحقها ولكنه فشل..ليقف بـ مُنتصف الطريق يزأر بـ صوتٍ جهوري شابه زئير الأسد

-سدييييييييم!!!…

الفصل الثاني والثلاثون
ملكة_على_عرش_الشيطان
فصل أهو وقصير أه إنما مليان أحداث😂

وهل كُتبت الحياة لأمثالي يومًا؟!…

-قولتلك بسببك بنتي هضيع…

هدر بها مُحرم وهو يضرب على ذراع مقعدهِ المُتحرك وبجواره سُمية الباكية تربت على يده بـ مُؤازة ليُكمل وهو يرى أرسلان يجلس فوق الأريكة واضعًا رأسه بـين كفيه

-قولتلها مش هيجي من وراك خير واللي بيقتل عدوه بيقتل حبيبه..وأديك قتلتها…

حينها لم يتحمل أرسلان لينهض بـ غضب راكلًا الطاولة الصغيرة بـ ساقهِ ليسقط ما عليها ثم هدر بـ صوتٍ دوى كـ الرعد

-كفاية..مش عاوز أسمع حرف زيادة
-وصرخ مُحرم بـ المُقابل:مش عاوز تسمع ليه!..مش حياتك دي هي اللي نهت حياة بنتي
-صر أرسلان على أسنانهِ ثم همس بـ فحيح:كلمة كمان وهنسى أنت مين…

أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم أجرى إتصالًا ما ليأتيه الرد بعد بضع ثوان فـ هدر بـ صوتٍ آمر ونبرةٍ قاتلة

-متسبوش حتة فـ الإسماعيلية مدورش فيها..إقلبوها بيت بيت وشارع شارع..وفـ ظرف ساعتين أسمع إنكم لاقيتوها…

أغلق هاتفه ثم سحب سُترته وقبل أن يرحل دنى من مُحرم وهمس بـ جفاء صلب

-سديم هترجع حتى لو موتي هو تمن حياتها…

ثم خرج وصفع الباب خلفه بـ قوة..لتجثو سُمية أمام ساقيهِ هامسة بـ نشيج

-هترجع والله هترجع..بس أنت ثق فيه يا سي مُحرم
-رد مُحرم بـ صوتٍ ميت:أثق فـ قاتل يا سُمية!..أثق فـ واحد حاطط حياة بنتي على كف عفريت!
-تنهد سُمية ثم قالت وهي تُزيل عبراتها:والله قلبي بيقولي هترجع..حتى ممكن نكلم البوليس آآ…

قاطعها مُحرم وكأن الفكرة أضاءت بـ عقلهِ ليقول بـ لهفة 

-قُصي!..مفيش غيره…

نظر إلى سُمية التي تنظر إليه بـ غرابة ثم قال وهو يُشير إلى هاتفهِ

-الموبايل..هاتيه يا سُمية أكلم قُصي..هو اللي هيرجع بنتي…

أومأت سريعًا ثم نهضت لتجلب هاتفه الخلوي وأعطته إياه..تناوله منها وأجرى إتصال بـ قُصي

-قُصي يا بني إلحق سديم!!!…

*************************************

كانت تتحرك بلا هوادة وهي مُقيدة بـ ذلك المقعد الحديدي القديم..وتصرخ بـ لا إنقطاع

-حد يساعدني!!..أرسلاااااان..باباااا…

إلتفت إليها الحارس المُكلف بـ حراستها يُزمجر بـ غضب لإنزعاجه من صوتها الذي يخترق أُذنيه

-ما تبس يا بت أنتِ..أنتِ فـ حتة مقطوعة ومحدش هيسمعك فـ متصدعيناش
-حركت رأسها بـ جميع الإتجاهات وقالت بـ عصبية:حيوان وقذر..مين اللي خطفني وخطفني ليه؟!…

إستدار عنها الحارس وقرر تجاهلها إلا أنها لم تصمت..بل بدأت بـ البُكاء و قد فقدت رباطة جأشها..لم تتخيل أنها وعلى بُعد خطوات منه يتم إختطافها

مُنذ ما يقرب ثلاث ساعات وهي مُقيدة بـ ذلك المقعد معصوبة العينين..بكت بـ حُرقة وهي تُهمهم بـ حُزن وخوف

-أرسلاااان..حد يساعدني..مش هقدر…

صرخت بـ ألم عندما قبض الحارس على فكها وهدر بـ شراسة وهو يزداد بـ ضغطه لعظام وجهها

-قسمًا بالله لو ما سكتي لكون مفجر دماغك..بلاش صداع…

ضمت شفتيها تكتم صوت بُكاءها وداخلها تهمس بـ تضرع

-أرسلان!!!…

دفع بـ وجهها بـ قوة بعيدًا لتكتم تأوة كاد أن ينفلت من بين شفتيها..إبتعد هو عنها وعاد يقف مكانه

وبـ الأسفل 

أحدهم يترجل من السيارة ثم يخطو إلى داخل ذلك المبنى النائي والقديم..خطوات ذات لحن رتيب وصوت صفير مُزعج ولكنه يبدو أنه يعجب مُلحنه

وقف أمام الحارس الذي أغلق زر سُترته ثم وقف بـ إحترام..ليتساءل الأول بـ صوتٍ غريب

-جوه!
-ومتكتفة زي ما أمرت يا باشا…

إبتسم وهو يربت على كتفهِ ثم دلف..كانت سديم لا تزال تبكي بـ قوة ولكنها صمتت وهى تستمع إلى صوت خطوات أسرت القُشعريرة بـ جسدها كله

توقفت الخطوات أمامها مُباشرةً و أنفاس كريهة تلفح وجهها فـ تُصيبها بـ النفور..أُزيلت العُصبة عن عينيها

رفت بـ عينيها عدة مرات حتى إستطاعت فتحها ثم رفعت رأسها إلى ذلك الوجه الذي يعلوها..وما أن أبصرت الوجه حتى إتسعت عيناها بـ قوة وإرتجفت شفتيها وهي تهمس بـ عدم تصديق

-نزار!!!…

************************************

كان يقود السيارة بسرعة تُسابق الرياح حتى صدح صوت هاتفه فـ إلتقطه دون أن يرى اسم المُتصل ليأتيه صوت قُصي الجهوري

-حصل إيه لسديم !!…

أغمض أرسلان عيناه بـ نفاذ صبر ليردف بـ جمود عكس ملامحه المُظلمة بـ شراسة

-هي مش نقصاك يا حضرة الظابط…

ضرب قُصي المقوّد بـ غضب وهو يقود سيارته فما أن هاتفه مُحرم حتى إنطلق من فورهِ إلى الإسماعيلية ثم صرخ بـ صوتٍ إهتزت له نوافذ السيارة

-هي دي الأمانة!..إيه اللي حصل ومين اللي خطفها!
-معرفش
-عاد قُصي يصرخ بـ غضب:يعني إيه متعرفش!..وإزاي تتخطف من بيت أبوها!…

لم يرد أرسلان بل بقى صامتًا ولكن ملامحه وعيناه تدل أن القيامة ستقوم..سواد عينيه وإشتعالها كانا كـ جمرتين من الجحيم..حينما قرر أنه سيعود إليها وليكن ما يكن عاد ماضيه يمنعه و بـ قوة وكأن اللعنة تأبى تركه

عاد صوت قُصي يصدح ولكن هذه المرة خرج بـ تنهيدة طويلة

-أنا فـطريقي لـ الإسماعيلية..متعملش أي حاجة من غيري يا أرسلان فاهم!..حياة سديم على المحك دلوقتي
-أجابه أرسلان بـ صوتٍ خرج كـ الهسيس:ملوش لزوم يا حضرة الظابط..مراتي هعرف أرجعها…

ولم ينتظر رده بل أغلق الهاتف وقذفه بـ إهمال جواره..قبض بـ يديه على المقوّد بـ قوة جبارة حتى إبيضت مفاصله..يبدو أنه لن يتخلى عن لقب الشيطان الآن

كان يبحث بـ المناطق النائية حتى أتاه إتصال من رقمٍ مجهول..فـ أوقف السيارة وإلتقط هاتفه..كانت عيناه تُحدق بـ ذلك الرقم بـ ذات نظراته المُرعبة ثم قرر الإجابة

-ياااه وحشك صوتي مش كدا يا شيطان؟!…

إلتوى فك أرسلان بـ شراسة وقبض على هاتفهِ بـ قوة كادت أن تؤدي إلى تهشمه وإستمع إلى باقي حديث نزار

-أكيد كان عندك إحساس إني مامتش..محسوبك قُطة بـ سبع أرواح
-همس أرسلان بـ توعد ونبرة قاتلة:المرادي هتأكد إني وديتك جهنم بـ إيدي…

وصله صوت ضحكات نزار القوية فـ إنتظره حتى إنتهى وصوت أنفاسه تخرج كـ هدير الرياح ليقول الأول بـ إبتسامة خبيثة

-بتتكلم وكأن روحها مش فـ إيدي
-زأر أرسلان بـ وحشية:جرب بس تُحط إيدك الـ**** دي عليها وشوف أنا هعمل فيك إيه…

صدحت صوت ضحكاته المقيتة مرةً أُخرى ثم أردف بعدها بـ مكر 

-عشان قلبي طيب هخليك تكلمها…

ساد الصمت لثوان قبل أن يسمع صوتها الضعيف يهتف بـ تقطع

-أر..أرسلان…

إسودت عيناه أكثر حتى إبتلعت الظلام الذي حولها..صوتها جعل قلبه يرتعش بين ضلوعه إلا أن حينما خرج صوته كان قوي يُزلزل الوسط المُحيط

-متخافيش..أنا هجيلك..سمعاني!
-أومأت قائلة:سامعة
-عاوز أسمع أنتِ مرات مين؟!
-إبتسمت سديم وقالت:أرسلان الهاشمي
-ليرد بـصوتٍ بث الطُمأنينة بـ قلبها:ومرات أرسلان الهاشمي مينفعش تخاف…

عاود صوت نزار يصدح ولكن هذه المرة بـ جدية وصوتٍ مُتجهم

-هبعتلك عنوان تيجي عليه لوحدك.. وأي حركة كدا ولا كدا صدقني هبعتلك راسها فـ شوال…

ثم أغلق الهاتف ليسبه أرسلان بـ أقذع الشتائم..ليُدير المُحرك بعدما وصلته رسالة نصية مُرفق بها العنوان وصورة المبنى..ليعود و يُرسل هذه الرسالة إلى قُصي وبعدها إنطلقت السيارة تشق الطريق

************************************

إنحنت بـ رأسها بـ ألم عقب حديثها معه..نزار لم تكن لتتوقع أنه لا يزال على قيد الحياة..ولكن هيئته كانت مُخيفة..النيران طالته وشوهت جانت وجهه الأيسر حتى طالت أُذنه وما بعدها بـ قليل..ولكن ذلك التشوه لم يُخفي إبتسامته أو ملامحه الكريهه

عادت ترفع رأسها وهي تراه يجلب مقعدًا ويجلس أمامها مُباشرةً..كان المقعد بـ الوضع المُعاكس يتكئ إلى ظهره بـ مرفقيهِ ثم إبتسم بـ خُبث قائلًا

-أكيد بتسألي أنا لسه عايش إزاي!…

نظرت إليه بـ إشمئزاز ثم أدارت وجهها ليضع يده أسفل ذقنها يُعيد رأسها إليه فـ تراجعت عن يدهِ سريعًا..أكمل نزار وهو يُحدق بها بـ مكر

-هحكيلك..أصل قدامنا وقت فراغ كبير…

“عودة إلى وقتٍ سابق”

بعدما خرجا كِلاهما من الغُرفة عَلِمَ أنه لا مفر والنهاية قادمة..إلا أنه تحامل على نفسهِ ونهض ثم توجه إلى المرحاض وأغلق الباب

تمدد داخل حوض الإستحمام وحاول قدر الإمكان أن يتفادى الإنفجار..دقيقتان وإنفجرت القُنبلة ولكنه تأثر بـ شظاياها

بعد ساعة إستعاد وعيه ونهض وسط الرُكام والجزء الأصعب أن يتخلى عن أحد أصابعهِ ليُثبت وفاته

“عودة إلى الوقت الحالي”

رفع كف يده الأيسر ليظهر بنصره المبتور لتتسع عيني سديم بـ صدمة فـ قهقه هو قائلًا

-عشان أعيش كان لازم أضحي
-أنت مُستحيل تكون بني آدم..أنت شيطان…

ضحك نزار ثم نهض وقد لاحظت عرجه إثر الرصاصة التي تلقاها بـ ساقهِ ليستدير خلفها ودنى من أُذنها وهمس بـ فحيح

-لأ بني آدم بس ربنا نزع من قلبي الرحمة…

وإنخلع قلبها هي لتلك الجُملة القاسية والتي أردف بها بـ هذا الفحيح المُرعب..حاولت الإبتعاد عنه قدر الإمكان ولكن يديه حاوطت ذراعيها لتصرخ بـ هلع إلا أنه صرخ بها أن تصمت وأكمل حديثه بـ هدوء

-المشكلة إنه كان عنده حق..والحق مبيأكلش عيش فـ البلد دي ولا غيرها..الفساد يا دكتورة موجود فـ كل حتة وكل بلد بس الشاطر اللي يكون فاسد نضيف…

أبعد خُصلاتها عن عُنقها ومال أكثر لتبكي هي بـ خوف فـ أكمل بـ فحيح

-مكنش لازم يتدخل نهائي لا هو ولا صاحبه الغلبان اللي دبحه بـ إيده..ولا أبوه وأمه اللي إتقتلوا قدام عينه..أو حتى أُخته اللي يا عيني إغتصبوها قُدامه…

جعدت وجهها بـ نفور وقد بدت على وشك التقيؤ إلا أنها تماسكت قدر الإمكان ثم هتفت بـ خفوت 

-أنت عاوز إيه؟!…

إرتعدت أوصالها لحديثه ولولهة توقف قلبها عن الخفقان حينما همس بـ شيطانية

-نعيشه الكابوس مرتين…

ولا تدري أي كابوس يقصد أمقتل عائلته أم إعتداءهم الجسدي لشقيقته! وكلامها أكثر قساوة 

بكت سديم بـ صوتٍ عال ليضحك نزار قائلًا بـ خُبث

-وفري العياط لبعدين..المسرحية لسه فـ أولها…

إزداد بُكاءها وهي تنحني بـ جسدها إلى الأمام مُغمضة لعينيها تتضرع إلى الله ألا يأتي أرسلان..سيقتله ويقتلها أمام ناظريه وهي لا تُريده أن يعيش ذلك المشهد القاسي مرةً أُخرى

كاد نزار أن يتحدث ولكن أتى الحارس وهمس بـ بضع كلمات ليومئ ويُشير إليه بـ الرحيل..دنى منها وقال بـ إبتسامة

-هسيبك شوية عندي ضيوف…

***********************************

كانت تعقد ذراعيها أمام صدرها ترتجف لذلك البرد الذي أضعف أوصالها ولكن يجب عليها الحضور..رفعت أنظارها لتلمحه يقترب منها فـ إعتدلت بـ وقفتها وتساءلت بـ جمود

-قتلتها ولا لسه!…

وقف نزار أمامها مُباشرةً بـ ملامحهِ المشوه ثم أردف بـ ملل و إزدراء

-ملكيش دعوة..تميتي مُهمتك يبقى تسكتي خالص
-صرخت جميلة بـ شراسة:لولايا مكنتش عرفت توصلها..ولا حتى قدرت تهرب من الإنفجار اللي كان هياخد روحك…

لا تزال نظراته تحمل الإزدراء..ذلك اليوم الذي زاره قُصي بـ تلك المعلومات التي وضعها بين يديه..وهي التي أعطته إياها وهي أيضًا من أخبرته بـ قدوم قُصي وأن عليه التخلص منه

ولكن ما لم تحسبه هو أن أرسلان كان يُنهي إنتقامه لذلك حاولت تحذيره ولكن الآوان قد فات

حك نزار فكه وقال بـ هدوء وسُخرية

-عرفتي تختاري الجانب الصح
-إبتسمت هي الأُخرى بـ سُخرية وقالت:أنا مأخدتش جانب..أنا بس بتخلص من العقبات اللي قدامي..أرسلان ليا وبس
-عشان كدا كُنت عاوزة تخلصي منها مش كدا!
-زعقت بـ حدة:مُكنتش عاوزة أقتلها..لكن لما حسيت إنهت تهديد..يبقى مع السلامة..أنا قتلت ومستعدة أقتل تاني عشان أرسلان ميبقاش لغيري…

وضعت يديها حول بطنها المُنتفخ ثم أردفت بـ قوة ونعومة أفعى 

-حتى إبنه هو الرابط الوحيد اللي بينا حاليًا..ومش هخسره لأ وهحافظ عليه بـ إيديا وسناني…

مسح على وجنتها لتُبعد جميلة يده عنها ليبتسم نزار إبتسامة ذات مغزى وقال

-الرابط دا هيتقطع لما يكتشف إنك كُنتِ السبب فـ موت عيلته
-هدرت بـ شراسة ودفاع:مُكنتش أعرف إن دي عيلته..أنا ساعتها كُنت عشيقتك وأنا اللي وصلتك ليهم يا نزار..أنا السبب فـ إنك عايش وإني داريت على أعمالكم الـ****…

ضحك نزار بـ صوتهِ كُله ثم أردف بـ سُخرية وهو يضع يديه بـ جيبي بنطاله

-أنتِ زيك زينا خاينة يا جميلة..أنا مش مُستفيد حاجة بـ موتك..أنا بس حبيت أنبهك إن بمجرد إن أرسلام يكتشف كل حاجة..مش هتكفيه روحك…

صرت جميلة على شفتيها ثم قالت وهي تقبض على كفها بـ قوة 

-عشان كدا لازم تخلص على قُصي..لو الحكومة عرفت إنك حي..هتقضي باقي عُمرك فـ السجن
-خافي على نفسك مش عليا…

تأففت جميلة بـ ضيق لتقول وهي تستدير لتصعد السيارة

-ع العموم أنا جيت عشان أشوف أخر الأخبار..متبوظش الدنيا المرة دي…

صعدت السيارة ثم أدارت المُحرك ورحلت..تجهمت ملامح وجه نزار الساخرة ثم قال بـ نبرةٍ سوداوية

-صبرك عليا..دورك جاي يا رقاصة…

************************************

كانت سديم قد بدأت تشعر بـ الدوار وبشرتها شحبت كثيرًا..إلا أنها لم تستسلم فـ ظلت تُعافر حتى إستطاعت أن تحل وثاق أحد يديها لتحل وثاق الأُخرى ثم قدمها

ترنحت وهي تنهض إلا أنها تحاملت على نفسها حتى لا تسقط ثم تحركت بـ خُطىٍ حثيثة حتى وصلت إلى باب الغُرفة التي وُضعت بها..كان لا يزال الحارس واقفًا دون حراك

تراجعت حتى لا يلمحها ثم بحثت بـ الأرجاء حتى وجدت قطعة خشبية ثقيلة نوعًا ما لتتجه سريعًا إليها وإلتقطتها وعادت تخرج

رفعت القطعة الخشبية ثم ضربت بها رأس الحارس من الخلف ليسقط متأوهًا..ألقتها ثم ركضت بـ كل ما تملكه من قوى

صعد نزار ومعه رجلٌا آخر إثر صوت الصرخة..ليجد الحارس فاقدًا الوعي..صرخ بـ غضب ثم ركله بـ معدته..إستدار إلى الحارس خلفه وزعق بـ غضب

-دور عليها وهاتها…

أومأ الحارس ثم ركض بـ إثرها يتبعه إثنين آخرين

كانت تركض بـ لا هوادة تهبط الدرج وتركض بـ الممرات 

-أوقفي عندك…

صرخت سديم وهي تسمع صوتًا خلفها لتُزيد من سُرعتها ولكن مع إنهاكها وتعبها لم تستطع الهرب فـ إنقض أحدهم عليها ثم سقطا بضع درجات

صرخت سديم متأوه ولكن الحارس لم يدع لها المجال..إذ قبض على مرفقها وجذبها خلفه..لم يتهم بـ سقوطها أو بُكاءها بل أكمل سحبه لها حتى ألقى بها أمام قدمي نزار

إستندت بـ جبهتها أرضًا تبكي بـ ألم وتعب..ليجذبها نزار من خُصلاتها فـ صرخت بـ صوتٍ أعلى..قرب وجهها منه ثم هدر بـ فحيح وحدة

-عاوزة تهربي!..ها!..رُدي؟!…

صرخ بـ الأخيرة وهي يهز رأسها فـ وضعت يدها فوق خاصته التي تقبض على خاصتها وهي تصرخ بـ ألم وشراسة

-سبني..سيب شعري يا حيوان…

جذبها إلى الغُرفة وقبل أن يدلف أمر الثلاث بـ نبرةٍ جهورية

-فوقوا البغل دا وعالجوه..وخدوا بالكوا فـ أي وقت وهيكون وصل…

ثم دلف بها وهو لا يزال قابضًا على خُصلاتها ثم هدر بـ قسوة

-بتحاولي تهربي دلوقتي ليه!..مش قولتلك لسه المسرحية فـ أولها…

بصقت سديم بـ وجهه لتشتعل عيناه بـ غضب فـ صفعها بـ قوة أسقطتها أرضًا..إنحنى إليها وجذبها من خُصلاتها مرةً أُخرى وصرخ

-متحاوليش تستفزيني عشان نستمتع كلنا بـ العرض…

كانت شفتي سديم تنزف إثر صفعته و جبهتها التي أُصبيت نتيجة إصطدامها بـ الأرض الصلبة ولكنها أردفت بـ ضعف

-هيقتلك..والله هيقتلك
-متبقيش واثقة أوي كدا…

ضم يديها بـ يد ثم جذبها لتنهض كاد أن يعود ليضعها فوق المقعد ويُقيدها ولكنه سمع صوت إحتكاك إطار سيارة أسفل البناية

***********************************

أوقف سيارته ثم أخرج هاتفه وهاتف قُصي 

-قُصي إسمعني عشان مفيش وقت
-قول…

أخرج أرسلان مُسدسه ثم وضعه خلف جزعه وقال بـ صوتٍ جاد

-متدخلش إلا لما أتأخر عن نص ساعة
-هدر قُصي:لأ مش هينفع
-صرخ أرسلان بـ حدة:إسمع اللي بقولك عليه..لو مطلعتش تدخل أنت رجالتي على وصول..مش عاوز أخسرها يا قُصي…

ثم أغلق الهاتف ولم ينتظر رده ليترجل من السيارة

وبـ الأعلى

إستغلت سديم فُرصة تشتت ذهن نزار وهو ينظر من النافذة..لتضرب ذقنه بـ قمة رأسها و بـ قدمها ركلت رُكبته ليسقط متأوهًا

إبتعدت عنه سريعًا وركضت إلى الخارج ولحسن حظها كان الثلاث يتحريان ذلك الصوت

ركضت سديم بـ أقصى ما تمتلكه من قوة وهي تبكي..كادت أنفاسها أن تُزهق إلا أنها لم تتوقف

نظرت خلفها تتأكد ما إذا كان يبتعها أحدهم ولكنها لم تجد..إستدارت بـ رأسها وبـ تلك اللحظة إصطدمت بـ شخص لتهرب من بين شفتيها صرخة وأخذت تضرب ذلك الشخص دون أن تعي لهويته

ضمها أرسلان إلى صدره وقال بـ لهفة 

-سديم!!!…

توقفت سديم عن ضربه ورفعت رأسها إليه لتجده أرسلان..عادت ترتمي بـ أحضانه وهي تبكي بـ نشيج حتى إهتز جسدها المُرتعش

-أرسلان..أنا كنت هموت…

أبعدها عن صدرهِ ثم حاوط وجهها ليقول وهو يُزيل عبراتها الملوثة بـ الأتربة والدماء

-هُششش..أنا هنا جنبك متخافيش..محدش هيقدر يأذيكِ…

صوب أحدهم المُسدس إلى رأسه ثم قال بـ سُخرية

-مُتأكد!…

شهقت سديم بـ فزع إلا أن أرسلان لم يهتز له جفن وظل مُحتفظًا بها بين يديه..إلا أن صوت خلفه عاد يصدح

-إرمي المُسدس اللي فـ إيدك…

ألقى أرسلان مُسدسه دون أن يلتفت..صرخت سديم وهي تستشعر يدًا تجذبها عنه..حاول أرسلان جذبها وهو يزأر كـ وحش ولكنه لم يستطع

-لو إتحركت من مكانك هفجر دماغها هي مش أنت…

الجحيم ينبعث من عينيهِ وملامحه مُظلمة بـ شكل مُرعب..وهو يُحدق بـ سديم التي تتلوى بين يدي ذلك الرجل وتبكي بـ صوتٍ أفقدع عقله

لمح تقدم نزار و إبتسامته الخبيثة التي تُزين وجهه ثم هتف بـ فحيح وهو يقف بـ جوار سديم

-فليبدأ الكابوس…

الفصل الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون من هنا 


في نهاية مقال رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الواحد والثلاثون 31 والثاني والثلاثون 32 بقلم اسراء علي نختم معكم عبر بليري برس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى