روايات

رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16 بقلم اسراء علي

من خلال موقع بليري برس تستعرض معكم في هذا المقال ،رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16 بقلم اسراء علي ، لمزيد من التفاصيل حول المقال تابع القراءة

رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16 بقلم اسراء علي 

الفصل الخامس عشر
ملكة_على_عرش_الشيطان

وبين الظُلم الظاهر والعدل الخفي…
خيط رفيع لا يراه إلا أصحاب القلوب…

لم تُصدق ما تفوه بهِ..تراجعت خطوتين إلى الخلف وهي تهمس بـ عدم تصديق

-بتهزر!…

لم يرد عليها بل ظل صامتًا لتعي مدى جديته فـ شهقت واضعة يدها فوق شفتيها وقالت بـ حدة

-مكنتش مُتخيالك واطي لدرجة دي!
-رفع حاجبه وأردف بـ خُبث:وأديكِ تخيلتي..ها مستعدة ولا أسيبه فـ السجن إلى ما شاء الله!…

تقلصت معالمها بـ إشمئزاز حقيقي..وضعت يدها بـ خُصلاته تمسح عليهم بـ قسوة ثم هدرت بـ إنفعال وجسدها كله يتشنج

-عاوز أشوفه الأول..دا شرطي
-ضحك بـ سُخرية قائلًا:وكمان بتتشرطي!…

وضع يده بـ خصره ثم أردف بـ إبتسامة ملتوية

-ماشي..بس كله بـ حسابه..إتفضلي…

أشار إليها بـ أن تتقدمه وتراجع خطوتين حتى تمر..رمته بـ نظراتٍ كارهة قبل أن تتحرك إلى الداخل

تبعها هو حتى وصلا إلى أحد المكاتب..طرق الباب ثم دلف..لينهض الضابط وعلى وجهه إبتسامةً عريضة..صافحه وقال

-أرسلان بيه الهاشي هنا!..المكتب نور والله
-دا نورك يا باشا
-أشار الضابط قائلًا:طب إتفضلوا واقفين ليه!!…

جلس أرسلان لينظر إلى سديم مُشيرًا لها بـ الجلوس..لتجلس على مضض..وضع الضابط يده فوق سماعة الهاتف وقال

-تحبوا تشربوا إيه!
-قهوة مظبوط و لـ…

صمت ينظر إلى سديم بـ مكر ثم قال مُشددًا على أحرف جُملته

-ولـ الدكتورة عصير تروق دمها
-أوي أوي…

رفع سماعة الهاتف وأردف عدة عبارات مُقتضبة ثم أغلق الهاتف وعاد ينظر إليهما وقال بـ إهتمام

-أقدر أساعدك إزاي يا باشا!…

وضع أرسلان ساق فوق أُخرى وقال بـ جمود 

-أخويا إتقبض عليه بـ تهمة محاولة قتل لواحد اسمه نزار
-تساءل الضابط بـ دهشة:قُصي باشا يبقى أخو حضرتك!!!…

أومأ أرسلان بـ خفة ليتنحنح الضابط ثم نظر إلى سديم التي تنتظر حديثه وكأنها فوق صفيح ساخن..ثم إلى الأول وقال بـ هدوء ظاهري

-تُهمة قُصي باشا مش سهلة..دي محاولة قتل مع سبق الإصرار..واللي مصعب موقفه إنه فـ بيت نزار باشا يعني مفيش منفذ حتى
-حك أرسلان فكه وقال:بس أنت ظابط وعارف..أكيد فيه حل…

شابك الضابط أصابعه وقال بـ روية وزرانة

-مفيش حل غير إن نزار باشا يتنازل
-صرخت سديم بـ يأس:مُستحيل واحد زي دا يتنازل…

نظر إليها الضابط مُجفلًا لصراخها المُفاجئ..أما أرسلان فـ قد نظر إليها بـ شرر مُتطاير ولكنها لم تخف..بل وضعت رأسها بين يديها وإنحنت إلى الأمام

صوت طرقات قاطعتهم ليدلف الساعي واضعًا المشروبات أمامهم وأرسلان لم يزح نظراته عنها

خرج الساعي ليعود الضابط ويتنحنح قائلًا

-زي ما قولت لحضرتك يا باشا..نزار بيه لازم يتنازل وإلا مفيش حل
-بـ نبرةٍ قاسية أردف:سهلة…

إرتفعت رأس سديم سريعًا ترمقه مصعوقة لا تستوعب ما تفوه به..إلا أن أرسلان أكمل وهو مُسلط حدقيته على خاصتها المُتسعة

-أصل نزار بيه حبيبي..ونقدر نتفاهم مع بعض…

أبعد ناظريه عنها ثم أردف بـ هدوء

-وبعدين أعرف إنه إتعرض لمحاولة إغتيال قدام القسم..مش كدا!
-أومأ الضابط قائلًا:أيوة يا باشا..ولحد دلوقتي محدش عارف مين عملها
-إبتسم أرسلان بـ سُخرية قاسية وقال:حيث كدا أعمله زيارة وأخليه يتنازل…

صمت الضابط قليلًا ثم أردف بعدها وهو يرفع منكبيه

-عمومًا لو إقتنع وإتنازل..يبقى خير وبركة
-طب عاوزين نشوفه
-إبتسم الضابط وقال:ولو إنه مش هينفع..بس عشان خاطر سيادتك بس…

أومأ أرسلان بـ مجاملة لينهض الضابط ثم توجه خارج الغُرفة

نظرت إليه سديم بـ شراسة وقالت

-جايب الثقة دي منين!
-تنهد أرسلان وقال:ملكيش دعوة..أنتِ ليكِ إنه يخرج وأنا هعمل كدا…

نهض أرسلان ثم أغلق زر سترته وقال بـجمود

-هسيبك تتكلمي معاه خمس دقايق..بعدها إتفاقنا هيتم…

إنقبض قلبها رُغمًا عنها..أشاحت بـ وجهها بعيدًا عنه وفضلت الصمت

بعد عدة دقائق دلف قُصي ومعه الضابط الذي ربت على كتفه وقال

-هسيبكم مع بعض شوية!…

***********************************

كان الصمت يُطبق على المكان..قُصي ينظر إلى أرسلان بـ وجه صلب خالي من التعبيرات..ثم ينظر إلى سديم التي تنظر إليه بـ نظرات غريبة ، حزينة..أحس أنها بعيدة عنه..بعيدة لأقصى درجة حتى أنه لا يستطيع الإقتراب أو الحديث

قطع ذلك الصمت صوت أرسلان الساخر

-مش حابب أقطع اللحظات الرومانسية دي..بس فيه كلام مهم عاوزين نتكلم فيه
-إلتفت إليه قُصي بـ حدة وهدر:جاي تشمت فيا!..جاي تشمت فـ أخوك…

تحولت ملامح أرسلان الساخرة إلى أُخرى صخرية..إلتوى حلقه بـ تشنج واضح قبل أن يقول بـ هدوء وعادت النبرة الساخرة من جديد

-دلوقتي إفتكرت إني أخوك!..عمومًا مش موضوعنا…

تحرك قُصي ليجلس أمام سديم التي تنظر إليه بـ صمتٍ ثم أردف دون أن يحيد بـ نظره عنها

-ورطها فـ إيه!
-تجاهل أرسلان حديثه وقال:أنا حبيت أعرفك إنك هتخرج من هنا..نزار الكلب دا هيتنازل وبعد كدا متتسرعش وتخلي عواطفك تحركك…

ضحك قُصي حتى رجعت رأسه إلى الخلف ثم هتف من بين ضحكاته وأرسلان ينظر إليه بـ برود

-وتحسبها عليا جميل صح!..ولا ليك غرض من ورا تضحيتك؟!…

أخذ أرسلام نفسًا عميق ثم نظر إلى سديم التي شحبت تدريجيًا..ليعود وينظر إلى قُصي رادفًا بـ جمود وقساوة

-أنا مبجاملش حد..دا واجب عليا يا حضرة الظابط..وخصوصًا إنك حكمت عواطفك بعد سبع سنين..أما غرضي فـ إعرفه منها..حاليًا عندي مشوار أهم من الكلام الفاضي دا…

تحرك بـ خطواته إلى الخارج بعدما نظر إلى سديم نظرات مطولة بادلته هى بـ أُخرى مُشمئزة ، كارهة

صمت قُصي يُحدق هو الآخر بها عقب ما تفوه به أرسلان وكأن عقله توقف عن العمل إلا أنه همس بـ صوتٍ أجش

-قصده إيه بـ كلامه!…

أغمضت سديم عيناها بـ قلة حيلة ثم فتحتها ناظرةً إليه..لتبتسم بـ توتر قائلة

-إزيك يا قُصي!!!…

إلا أن قُصي قد أفقدته الساعات الماضية عقله ليضرب الطاولة التي بينهما بـ قوة أجفلتها ثم هدر بـ صوتٍ مُخيف

-سدييييم!!!…

تمسكت بـ ذارعي المقعد وإبتلعت ريقها بـ خوفٍ جعل حدقيتها تهتز رُغمًا عنها لتقول بـ خفوت

-أسفة
-ضيق عينيه هامسًا بـهسيس:أفهم إيه من الكلمة دي؟!…

إلتوى حلقها بـ مرارة وألم لما ستؤول إليه حالته..لذلك نهضت وإتجهت إليه وهو يُتابعها بـ عينيه السوداوين فـ جثت أمامه وهمست بـ صوتها المبحوح

-أنا عشت معاك أيام قُليلة بس كانت كفاية تعلقني بيك..كنت بخاف فيهم أجرحك أو أزعلك..صحيح بدايتنا مش حُب..بس نهايتها حُب…

برقت عيناه بـ بريق غاضب وهو يُمسكها من ذراعيها جاعلًا إياها تنهض ثم هدر من بين أسنانه

-يعني بتنهي كل اللي ما بينا عشان عقبة زي دي!..ها!!..ردي عليا وقوليلي إنك متستاهليش رميتي هنا بسببك!..قوليلي إني كُنت عايش فـ وهم…

حركت رأسها نافية لا تعلم ماذا تنفي ولكنها لا تُصدق حديثه..حركها بين يديه بـ عُنف وقال

-رُدي عليا
-إبتلعت غصتها وقالت بـ همسٍ مُتألم:أنا بعمل كدا عشانك..عشان تخرج من هنا..عشان لو معملتش كدا مش هشوفك تاني
-صر على أسنانه وهمس بـ غضبٍ حاد:هددك بيا صح!..هددك قالك يا أنا يا هو…

وجدت رأسها يرتمي فوق كتفه باكية بـ قوة لم تفعلها قبلًا..ثم أردفت بـنشيج حار وهي تقبض على قميصه

-أسفة يا قُصي والله مش قصدي أجرحك..بس أنا خايفة عليك..أنت هنا بسببي..ومش هتخرج إلا بسببي
-صرخ بـ حدة وألم: يا شيخة ملعون أبو الحُرية لو أنتِ تمنها…

أبعدها عنه ناظرًا إلى جحيم عينيها الباكي ثم أردف وهو يُبعد خُصلاتها عن وجهها وهو يقول بـ تلهف

-سبيني هنا وكوني ليا..أنا هعرف أطلع من هنا..بس بلاش تدبحيني كدا
-عضت على شفتيها وقالت بـ تألم:مفيش طريقة غير دي..هو هيقدر يخليه يتنازل يا قُصي وهتخرج
-جأر بـ صوتٍ جهوري:لأ مش هسمحلك تكوني أُضحية..لأ يا سديم…

وضعت يدها فوق شفتيها تبكي بـ صمتٍ قبل أن تُمسك كفه وتُقبلها هامسة بـ إصرار

-لازم أعمل كدا عشانك..لأ أنا هنتقم عشانا..ساعتها هرجعلك صحيح هخسر كتير…

سحب يده منها ثم ضم رأسه إلى صدره وهو يهمس بـ صوتٍ ميت

-بلاش يا سديم..عشان خاطري بلاش..هتخسريني وأنا مش عاوزك تخسريني…

وضعت يديها على صدره تُبعد هامسة بـ تعب وإبتسامة شاحبة

-وأنا مقدرش أسيبك هنا..مع السلامة…

وقبل أن تنهار جذبت حقيبتها وركضت إلى الخارج و بـ مرورها إصطدمت بـ كتفه 

ظل واقفًا مكانه ينظر بـ إثرها بـ نظراتٍ ميتة..ثم نظر إلى يده التي بها حلقته الفضية قبل أن يضحك مُتألمًا وها هو الزمان يُعيد نفسه

************************************

ترجل من سيارته ثم إتجه إلى داخل المشفى التي وُضع نزار بها..سار بـ الممر حتى وصل إلى غُرفته..كان يقف أمام الباب حارسين ضخام البنية

إبتسم أرسلان بـ سُخرية ثم تقدم وقال بـ جمود

-وسع أنت وهو
-تساءل أحد الحارسين بـ صلابة:مين حضرتك وجاي هنا ليه!
-جاي أشوف اللي مشغلك…

نظر إليه الحارس مطولًا قبل أن يقول بـ نفس نبرته

-أسف بس نزار باشا مبيقابلش حد
-حك أرسلان فكه الحاد وهدر بـ نبرته المُخيفة:لو مدخلتش حالًا..هدخل برضو بس وأنت ميت..أدخل قوله أرسلان الهاشمي…

نظر الحارسين إلى بعضهما قبل أن يُحرك أحدهما رأسه بـ حيرة ثم دلف

ثوان وخرج يقول بـ هدوء

-نزار باشا مستنيك جوه…

كاد أن يتحرك ولكن الحارس أوقفه هاتفًا

-معلش لازم نفتشك
-رفع أرسلان حاجبه وقال:لو عاوز أقتله مش حتة سلاح هيمنعني…

فـ أخرج مُسدسه من جزعه ثم دفع به بـ قوة إلى صدر الحارس

فتح الباب ودلف..ليجد نزار يجلس فوق فراشه الطبي..ذراعه المُصاب مثني أمام صدره وعلى وجهه المُتجهم تعبير غاضب ثم أردف

-جاي تخلص عليا هنا!
-توقف أرسلان ثم هتف بـ إستنكار:تؤتؤتؤ..بقى دا اسمه كلام!..أنا جاي أطمن على صحتك وأنت تقابلني كدا!…

مط شفتيه وعاد يتقدم وضع على ساقيه باقة من الورود الذابلة وقال 

-حمد لله ع السلامة يا باشا عُقبال راسك المرة اللي جاية…

حدق نزار بـ باقة الورود وقد فهم مغزى تلك الرسالة المُستترة..ليرفع عينيه إلى أرسلان وهتف بـ هدوء ظاهري

-الله يسلمك..أوعدك هعاقب اللي عمل كدا…

جذب أرسلان مقعد ثم جلس أمام فراش الآخر واضعًا ساق فوق أُخرى وقال بـ قسوة جامدة

-واللي يعاقب..يعاقب اللي أذاه..مش يستدرجه بـ طُرق **** زيه
-إبتسم نزار بـ خُبث وقال:هو اللي حركته مشاعره..وبصراحة مكنتش مُتخيل إن أخوك كدا..كنت متوقعه أذكى من كدا
-ضحك أرسلان وقال:ما هو حب ينزل لمستواك…

ضيق نزار عيناه بـ غضب قبل أن ينهض أرسلان من مكانه يميل إليه ثم همس بـ فحيح أفعى مُخيف

-إتنازل بـ الزوق ومتكترش حسابك معايا
-ولو متنازلتش…

إبتعد أرسلان وإبتسم بـ جفاء قائلًا بـ نبرته الشيطانية

-يبقى متزعلش مني اللي هعمله
-تنهد نزار وقال بـ بساطة:أنا كنت ناوي أتنازل أصلًا..دي كانت قرصة ودن ليك
-أشار أرسلان إلى نفسه وقال:قرصة ودن ليا!..أنت مُختل يا بني ولا نظامك إيه؟!
-ضحك نزار وأردف بـ خبث:ما لولا ابن الحرام اللي ضربني بـ الرصاص كنت كملت قرصتي…

أظلمت عينا أرسلان وهو يتفهم مغزى حديثه..ليميل إليه هامسًا بـ هسيس

-أنا ممكن أسامح فـ أي حاجة..إلا إنك تقرب من حاجة تخصني
-مال نزار بـ رأسه وقال:بس اللي أفهمه إنها تُخص أخوك…

إبتسم أرسلان إبتسامته الشيطانية وحقًا جعلت كف نزار يرتعش..ليقول بعدها بـ صوتٍ هادئ كـ الخرير ولكنه يكفي ليُذيب العظام مُتحسسًا كتفه المُصاب

-متقربش من النار لو مش هتقدر تطفيها..عشان متتحرقش…

ضغط بـ خفة فوق الإصابة ليجز نزار على أسنانه بـ ألم..ثم إبتعد وقال واضعًا يده بـ جانب رأسه

-إحسب خطوتك الجاية عشان المرة الجاية هتكون هنا…

تحرك خطوة قبل أن يُحرك كفه قائلًا دون أن يستدير

-وإتنازل بـ الزوق بدل أما تتنازل بـ ذُل…

ألقى عبارته ثم فتح الباب على مصرعيه ورحل 

*************************************

جلست سديم فوق فراشها تضم ساقيها إلى صدرها ناظرة إلى الفراغ بـ نظراتٍ ميتة..حاول أباها الحديث معها ولكنها رفضت تاركة إياه يتلظى بـ نار جهله لما حدث مع إبنته

سمعت صوت هاتفها يصدح لترفعه فـ وجدت رسالة نصية من رقمٍ لا تعرفه..فتحت الرسالة لتتسع عينيها بـ دهشة وهى تقرأ محتواها

“إطلعي الشقة اللي فوقك”

تنفست بسرعة وخوف قابضة على هاتفها بـ قوة..إبتلعت ريقها الجاف وقررت تجاهل رسالته..إلا أن هاتفها عاد يصدح من جديد..نظرت إليه بـ تردد دام دقيقة واحدة قبل أن تمتد يدها وتفتحها

“إطلعي وبلاش عناد..ولا أنتِ حابة إتفاقنا يتم قدام بابا”

أغضمت عيناها بـ غضب وحُرقة هامسة بـ بعض الشتائم ثم قررت النهوض..وضعت حول جسدها مئزر ثقيل فوق ثوبها القصير من خامة القطيفة ثم أغلقته وتسللت بـ الهاتف إلى الخارج

كانت الأجواء هادئة فـ رجحت أن والدها قد نام..فتحت باب شقتها بـ خفة ثم خرجت

كانت ساقيها ترتعش وقلبها ينتفض بين أضلعها..ضمت الهاتف إلى صدرها وصعدت الدرج بـ خُطىٍ ثقيلة

وقبل أن تطرق الباب وجدته يفتحه وعلى ثغرهِ تلك الإبتسامة التي تكرهها..تجمدت مكانها إلا أنه جذبها هامسًا بـ عبث

-عاوزة الجيران تشوفنا ولا إيه!
-بصقت بـ إشمئزاز قائلة:حقير…

وضع يديه بـ خصره ثم قال بـ مكر وهو يُغلق الباب خلفه بـ المُفتاح

-أنتِ اللي طلعتي
-إستدارت تصرخ بـ جنون:وأنت هددتني إنك هتنزل
-مط شفتيه بـ بساطة قائلًا:أنتِ اللي عبيطة و بـ تصدقي…

إتسعت عيناها بـ غضب تشد خُصلاتها..قذفت هاتفها بـ قوة ثم ركضت إليه تضربه بـ شدة صارخة

-أنت واحد معندكش ضمير..دمرتلي حياتي..عاوز إيه تاني؟!…

أمسك يدها التي تحاول خدشه ولكنها كانت كـ قطة شرسة تُدافع عن صغارها فـ خدشته بـ شده بـ وجنته..لم يتأوه بل دفعها لتسقط على الأرض فـ صرخت بـ ألم تسبه

-حيوان
-صرخ وقد بدأ الغضب يتسلل إليه:إهدي وبطلي جنان…

نهضت صارخة وقد بدى أنها فقدت أخر ذرات تعقلها..لتلتقط أحد التُحف ثم قذقتها بـ إتجاهه ولكنه تفاداها..أطاح بـ الطاولة التي أمامه وهدر بـ صوتٍ جهوري

-إعقلي بدل أما أعقلك بـ طريقتي…

وقفت تلهث بـ شدة..شعرها تشعث بـ جنون حول وجهها..عيناها تحولت من الأزرق الهادئ إلى آخر داكن ، غاضب..مئزرها قد إنسدل عن كتفيها وفُتح مُظهرًا ثوبها البيتي أسفله

تنفس أرسلان بـ قوة ثم تقدم منها وقال بـ غضب

-متفكريش بـ اللي بتعمليه دا أنا هرجع..لا يا دكتورة بالعكس أنتِ بتزودي إصراري…

كان صدرها يعلو ويهبط بـ شدة إثر تنفسها القوي..وجنتيها متوردتان بـ حُمرة غضب..وهى تنظر إليه بـ لهيب عينيها المُشتعل

تقدم منها بـ بُطء غير ملحوظ حتى وصل إليها..كانت عيناه تتفحصها بـ تدقيق..تفحص جسدها ، وجهها ، خُصلاتها المجنونة ، كتفيها المرمرين الظاهرين لعينيه الصقرية

مال إليها يشتم عبيرها المُحمل بـ الغضب مُغمضًا لعينيه وكأنه يستشعره..أما هي وكأنها بـ عالمٍ آخر غيرِ واعية لذلك الفهد الذي أمامها

فتح عيناه ثم إنحنى يجذب خُصلة شقراء يُقبلها بـ قوة..هُنا أفاقت وإنتفضت على إثر أنفاسه الساخنة التي ألهبت عُنقها و كتفها الأيمن..نظرت إليه بـ تيه قبل أن تستوعب ذلك البريق الوحشي بـ عينيه

إرتعدت وإبتعدت وهي تراه يقترب منها بـ خفة أسد قد ظفر بـ غزالته..أغمضت عيناها وحاولت الثبات بـ مكانها ولكن ساقيها خذلتاها..لترتد إلى الخلف حتى إصطدمت بـ الحائط خلفها..حينها شهقت وفتحت عيناها بـ أقصى إتساع

إقترب أرسلان منها وهو ينزع سترته تبعها قميصه حتى وصل إليها..تسارعت أنفاسها حتى شعرت بـ الدوار يجتاحها

وقف لبرهة يتأملها..مُشعثة الخُصلات عقب شجار نشب بينهما و أعين تلمع بـ خوفٍ إستلذه بـ شدة..ثم عاد يقترب

قبضت كفيها بـ قوة وبدأ قلبها يتقافز أسرع مما كان عليه..إقترب وإنحنى ليصل إلى قامتها القصيرة بـ النسبةِ له..وضع يده حول وجهها وإقترب حتى لفحت أنفاسه بشرتها فـ يزيدها رُعبًا

لم تكن لتتخيل أنها ستنحني أمامه هكذا..بـ ذلك الشكل المُخذل..أخفضت وجهها قهرًا وغضبًا

وجدت رأسها تُرفع إذ وضع يده أسفل ذقنها وجعل عيناها تُحدق بـ خاصته دون أن يدع لها الفرصة لكي تهرب

هبط بـ مستوى وجهه إليها ليهوى قلبها معه..همست بـ صوتٍ مبحوح ومُرتجف

-بلاش…

إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة قاسية ليصل إلى فكها ويُقبله بـ رقة..لتقبض هي على ثيابها رافضة البُكاء..سمعت صوته يهمس بـ عبث 

-أنتِ عملتي صفقة ولازم تتميها للآآآخر…

تعمد إطالة الكلمة الأخيرة لتعي ما أوقعت نفسها به..فـ هي الآن تحت رحمته..تحت رحمة الشيطان

وجدته يبتعد دون مقدمات وجلس فوق الأريكة ليقول بـ برود ثلجي جمد قلبها

-تعالي إقعدي…

نظرت إليه بـ غرابة..ليُشير إلى الأريكة المُقابلة له وقال بـ صوتٍ آمر

-قولت تعالي إقعدي…

وجدت ساقيها التي خذلتاها سابقًا تتحرك من تلقاء نفسها وتجلس أمامه..مال أرسلان إلى الأمام وقال بـ نبرةٍ جافة

-قدامك حل من إتنين..يا أخد اللي عاوزه منك حالًا وبـ طريقة مش هتحبيها..يااااا…

تعمد التلاعب بها وهو يتحدث بـ خُبثٍ .. لتجز على أسنانها قائلة بـ عُنف

-يا إيه كمل!
-حك وجنته بـ سبابته وقال:يا نتجوز وتوقعي عقدك الأبدي معايا…

وكأن أحدهم ألقى فوق رأسها دلوًا من الماء البارد جعلها ترتعش داخليًا..أن تكون معه إلى الأبد كما قال جعل تنفسها يثقل

كان أرسلان يُتابع تعابير وجهها الجامدة..ولكنه عَلِمَ ما يموج داخلها وما يختلج نفسها من مشاعر مُتخبطة..ليُحمحم بـ قوة مُكملًا حديثه بـ نفس الجمود

-أنا بخيرك..وإختاري الأحسن
-نظرت إليه رافعة حاجبها بـ سُخرية:فـ الحالتين أنا خسرانة
-ضحك أرسلان قائلًا:أنا بقدملك عرض مبيحصلش كتير
-تجعدت ملامحها بـ تقزز قائلة:خليها تنفعك…

نهضت وهمت العبور بـجواره ولكنه لم يسمح لها..بل قبض على ذراعها ثم جذبها إليه حتى بات وجهه على بُعد مقدار إنشًا منها وهمس بـ فحيح

-يبقى أنتِ إختارتي أصعب الطُرق…

همت أن تصرخ ولكنه كان قد جذبها وألقاها فوق الأريكة وهو يعتليها واضعًا يده فوق شفتيها يمنع صُراخها..إقترب بـ رأسهِ منها وخرجت نبرته الهامسة كـ السياط

-أنا حبيت أكون راجل معاكِ..بس للأسف شكلك بتحبي العُنف…

حركت رأسها بـ نفي وجسدها يتلوى أسفله..ولكن قوة بنيته كانت تُقيدها فـ جعلت من حركتها إهدارًا لطاقتها..حاولت تحرير كفيها من بين قبضته فوق رأسها ولكنه كان يضغط عليها أكثر فـ تتأوه بـ صوتٍ مكتوم

نظرت إلى سوداويه بـ نظرة مليئة بـ الإنكسار والقهر..وهو كذلك يُحدق بها بـ عينين جامدتين ، جحيميتن دون حديث

حتى نطق بعدها بـ صوتٍ مُخيف ، قاسي

-مش هكرر عرضي تاني..موافقة ولا أكمل!!…

حركت رأسهت نافية ألا يُكمل فـ أبعد كفه لتصرخ هي بـ توسل جعلها تكره نفسها

-موافقة..موافقة بس إبعد عني..متقربليش…

أظلمت عيناه بـ درجة أرعبتها وكادت أن تصرخ ولكنها إيتلعت صرختها فـ أغمضت عيناها بـخوف

ما كاد أن ينهض عنها حتى إنتفضت واقفة تجذب طرفي المئزر إلى صدرها مُخفضة رأسها لأسفل

جلس أرسلان فوق الأريكة وأرجع رأسهِ إلى الخلف ثم هدر بـ جفاء

-ساعة والمأذون يكون هنا..كلمي أبوكِ عشان هنكتب كتب الكتاب هنا…

🌹🌹
 الفصل السادس عشر
ملكة_على_عرش_الشيطان

لا تُشعل نيران الكراهية إن كُنت لا تقدر على إخمادها…

حملقت به بـ دهشة لا تُصدق حديثه..ضمت المئزر إلى جسدها وتساءلت بـ صوتٍ باهت 

-قصدك إيه!..يعني إيه كمان ساعة!
-أردف بـ نفس الجفاء:زي ما سمعتي..مش عاوز كلام كتير…

كادت أن تبكي لما يحدث معها..بهت لونها بـ شدة حتى إتسحالت بشرتها إلى بشرةٍ شاحبة تشابهت مع بشرة الموتى

تراجعت بـ ذعر وهي تراه ينهض ويقترب منها..إبتلعت ريقها بـ خوف تُحاول أن تستمد قوة واهية..وجدته يتجه إلى باب الشقة ثم قال بـ هدوء

-إتفضلي جهزي نفسك عشان هنخلص كتب الكتاب وهتنتقلي معايا…

تنفست بـ حدة لتتحرك هي بـ إتجاه الباب وقبل أن تخرج هتفت بـ جمود

-وقُصي!
-إبتسم بـ سخرية وقال:متخافيش هيطلع…

حدقت به بـ إزدراء ثم هبطت الدرج بـ إنفعال..على الرغم من خوفها من القادم إلا أن أشتعال دماؤها غضبًا وقهرًا

ولكن الألم كان قد إستبد بها لما سيُصيب قُصي..قُصي الذي ظهر بـ حياتها وكأنه بطل من فيلم سنيمائي قديم..على الرغم أنها لم تتعمق بـ مشاعرها تجاهه ولكنها إنجذبت إليه..أُعجبت بـ شخصيته الرزينة والهادئة..بطل ستظل تندم عليه ما تبقى من حياتها

هبطت الدرج حتى وصلت إلى شقتها..فتحتها ودلفت..أغلقت الباب وإستندت بـ جبهتها عليه تتنهد بـ حرارة..مكثت هكذا ثوان حتى قررت الإلتفات ولكن ما أن إلتفتت حتى شهقت وهي ترى والدها جالس فوق مقعده وينظر إليها بـ ملامح مُبهمة..إزدردت ريقها بـ صعوبة وهمست

-بابا!!!
-صدر عن مُحرم صوتًا دوى كـ البرق:كُنتِ فين!
-همست بـ تلعثم:كُـ..كُـ..كُنت..فـ..تحت…

ضرب على ذراع المقعد بـ قوة فـ إنتفض وهدر بـ صوتٍ جهوري

-كُنتِ عنده صح!…

تسارعت أنفاسها بـ تحشرج لتقبض على جانبي ثيابها وأخفضت رأسها بـ خذلان..فـ إقترب منها مُحرم ونظر إليها نظرات تحتقرها ثم هدر

-مش عارف أقولكِ إيه!..رخصتي نفسك لواحد حقير..لو رفضتي طلبه مش هيتردد ثانية إنه يشهر بـ اللي حصل..إن الست هانم كانت عندي فـ نصاص الليالي…

رُغمًا عنها تساقطت عبراتها ألمًا لما يقوله والدها..هو لقسوة حديثه مُحق..أبخست من قدر نفسها لذلك الشيطان الذي لن يتردد بـ كسرها حتى ينالها

تركها مُحرم ورحل لتبقى هي بـ الصالة تنشج بـ بُكاءٍ حار..تدمرت حياتها وهو من دمرها ولم يكتفي بل يتراقص على أطلالها 

قبضت يدها بـ قوة فـ قست عينيها فجأة تنظر أمامها بـ نظراتٍ فارغة 

*************************************

بعد ساعة كان هو يجلس و أمامه مُحرم وجواره المأذون الشرعي وشاهدين..كانت تنظر إليه بـ إزدراء وقسوة شديدين وأرسلان ينظر إليها بـ سُخرية تجعل الدماء تغلي بـ عروقها

حمحم المأذون الشرعي وقال بـ إبتسامة

-نبدأ!!!
-نظر مُحرم إلى أرسلان بـ تجهم وقال:لأ أنا مش موافق…

قست نظرات أرسلان دون أن يهتز جفنه وظل ساكنًا مكانه لا يتحرك..أما مُحرم قد تحرك بـ مقعده يدلف إلى أحد الغُرف

نهضت سديم وقالت بـ إنتشاء

-بابا مش موافق وأظن إن كدا مفيش جواز…

لم تلن نظرات أرسلان بل تحولت بـ الإضافة إلى قسوتها إلى أُخرى مُظلمة..تنحنح بـ جواره المأذون الشرعي وقال

-إذن لا داعي لوجودي
-أردف أرسلان بـ صوتٍ مُخيف:إقعد…

لم يحتج الرجل لـ أن يُعيد حديثه مرة حيثُ جلس مرةً أُخرى صاغرًا خائفًا

نهض أرسلان بـ ملل و وقف أمامها ثم همس بـ نبرةٍ خالية من أي مشاعر

-إسعميني كويس أنا مش فاضي للعب العيال دا..خُشي نادي أبوكِ 
-هدرت بـحدة:مقدرش أقنعه..وبعدين هو مش طايقك
-خلاص أخش أقنعه أنا…

دفعها بـ قوة حتى ترنحت و سقطت جالسة فوف الأريكة..بينما دلف هو إلى الغُرفة التي إختفى بها مُحرم

ظلت سديم تنظر بـ عدم تصديق إلى ما فعله..ضربت الأريكة بـ قوة غاضبة وبقت تسبه بـ سرها

بعد ثلاثون دقيقة

وجدتهما يترجلان خارج الغُرفة و والدها ينظر إلى الفراغ بـ شرود وتعبير غامض لم تستطع تفسيره

دنت منه وهمست بـ حيرة

-هو قالك إيه!…

نظر إليها مُحرم بـ نفس الشرود قبل أن يُبعدها دون حديث وتوجه إلى جوار المأذون الشرعي ليقول بعدها بـ جمود 

-إبدأ يا شيخنا…

شهقت سديم واضعة يدها فوق شفتيها بـ صدمة..إتسعت عيناها ونظرت إلى أرسلان والذي هو الآخر كان الغموض يُغلف ملامحه وقد زال قناع القسوة وحل مكانه قناع الجمود والجدية

بدأت مراسم عقد القران وهي توزع أنظارها بين الجميع بـ شرود وصدمة..كأن ما يحدث ما هو إلا عرض سينمائي وهي تحتل مقاعد المُشاهدين..كأن هذا الحدث لا يخصها وهي ليست المعنية بـ الأمر

وجدت يده تُوضع بـ يد والدها فـ هوى قلبها بـ قوة آلمتها..غلف حدقيتها غلالة من العبرات أبت أن تهبط 

وكما وضع يده بـ يد والدها..نزعها منها بـ هدوء دون إبتسامة ولكن ملامحه كان وكأنه قد ظفر بـ جائزته بعد عناء..إنتهت المراسم ورحل الجميع وبقى ثلاثتهم

إبتعد أباها وقال بـ جمود نزل كـ وقع الصاعقة على قلبها

-تقدر تاخدها..بس الأول عاوز حد يرجعني الإسماعيلية
-بابا!!…

همست بها سديم بـ خذلان سببه كلمات والدها..إلا أن أرسلان لم يدع لها المجال لعتاب والدها إذ قبض على يدها وجذبها خلفه ثم أردف 

-رجالتي تحت هيوصولك
-دوى صوت مُحرم من خلفهما بـ قوة:بنتي لو جرالها حاجة عمرك كله مش هيكفيني…

************************************

كانت صامتة ، جامدة تمامًا كـ تمثال حجري..وهو بجوارها يقود بـ دوره دون حديث..الصمت لم يكن كئيب بل كان مُرعبًا 

كان أول من قطع هذا الصمت قائلًا بـ نبرةٍ مُخيفة سرت بـ جسدها كـ الصقيع

-دلوقتي نقدر نتم إتفاقنا…

على الرغم من ذلك الخوف الذي تمكن منها إلا أنها أردفت بـ جفاء تمكنت من إتقانه

-مش هيتم حاجة إلا لما أطمن إن قُصي طلع…

رأت قبضتاه تشتد على المقوّد وعيناه تتجمع بها الشُعيرات الحمراء والتي تدل على مدى غضبه بـ الإضافة إلى برزو عروق نحره..إلا أن صوته خرج هادئًا لدرجة تستدعي الغضب

-حاضر..هطمنك…

أخرج هاتفه ثم إتصل بـ أحدهم ليُفعل خاصية المُكبر..ثوان وأتاه صوت الضابط

-باشا..إزي حضرتك!
-نظر أرسلان إليها وقال:الحمد لله..أنت أخبارك إيه؟
-تمام..أكيد حضرتك بتسأل عن قُصي باشا صح؟!…

تحفزت حواس سديم بـ لهفة وحماس..وقد رأى هو إنعكاس ذلك الحماس بـ لمعان حدقيتها الزرقاوين قبل أن يبتسم ويقول بـ نفس هدوءه

-أكيد
-ضحك الضابط وقال:كله تمام..نزار باشا كلمني من ساعتين تقريبًا وقالي إنه هيتنازل…

ضمت سديم يديها إلى صدرها تذفر بـ راحة وإبتسامة حنونة تتشكل على وجهها ثم تمتمت بـ دُعاءٍ خافت إلتقطته أُذنيه بـ براعة 

خرجت إبتسامة هازئة من بين شفتيه قبل أن يقول

-تمام يا حضرة الظابط..تعبتك
-لا أبدًا لا تعب ولا حاجة..حمد لله ع السلامة على خروج الباشا
-الله يسلمك…

أردف بها أرسلان وهو يُغلق الهاتف ثم عاد يدسه بـ جيبه..ليلتفت إليها وهمس بـ فحيح

-أظن كدا عداني العيب وأزح…

إنقبضت معالم وجهها وكأنها سقطت عن سحابة وردية لتحط فوق أرضية صلبة ، سوداء..إنكمشت بـ جسدها وإتهزت حدقيتها خوفًا..كادت أن تتحدث ولكنها قررت إبتلاع حديثها إلا أنها لن تستسلم..بل ستشتعل الحروب بينهما ونارها لن تنطفأ أبدًا

*************************************

وصلا إلى منزله فـ ترجل وتحرك إلى مقعدها ثم فتح الباب و دون حديث سحبها من ذراعها..صرخت بـ ألم وقالت غاضبة

-إيدي يا مُتخلف…

أدارها بلف ذراعها إليه ثم حدق بـ عينيه المُخيفتين بـ عينيها المُشتعلتين بـ لهيبها الأزرق الغاضب..ليردف بـ نبرتهِ الشيطانية

-أنتِ دخلتي مملكتي يعني هتعيشي بـ قوانيني
-صرخت بـ المُقابل:مش هكمل ليلة معاك..فاهم!..أنت عاوز حاجة هتاخدها وتسبني…

تركها فجأة وهو يبتسم تلك الإبتسامة المُرعبة..وضع يديه بـ جيبي بنطاله وقال بـ فحيح

-وكأني هسمحلك تمشي…

إقترب خطوة ثم لكز جانب رأسها بـ سبابته وقال بـ جفاء

-حُطي فـ دماغك..إنك مس هتمشي إلا لما أنا أأمر بـ ده
-زمجرت بـ شراسة دافعة إياه:حقير..كُنت عارفة إنك ملكش أمان
-ضحك وقال:وطالما مليش أمان وأنتِ عارفة!..وافقتي ليه؟
-صرت على أسنانها وقالت:عشان حُرية قُصي كانت واقفة عليا
-عاد يضحك بـ قوة ثم قال بـ سُخرية:ساذجة…

مدّ يده يجذبها من ذراعها ليدلفا المنزل..إنقبض قلبها وهي تخطو أول درجة بـ الداخل

كان يسحبها خلفه كـ الشاه هذه المرة أتاحت لعيناها التحديق بـ الأثاث ومعالمه..كان يطغى على الأثاث اللون الأسود..والفضي مُمتزج بـ الأسود يُزين الحوائط

لفت نظرها ذلك السكين الصغير الموضوع بـ طبق الفاكهة..وعندما إقتربا منها جذبتها بـ خفة دون أن يلحظ أو هكذا تظن تُخبأ إياها بـ أكمام ثوبها

دلفت إلى الغُرفة المخصصة لها دون نبس حرف..وهو يتبعها بـ خطوات مُتمهلة ، مُتأنية ، قادرة على إذابتها وهو يعلم ذلك الخوف الذي ينخر عظام جسدها..وهذا جعله يبتسم بـ قساوة وتلذذ..هو ليس بـ سادي ولكن تلك المُتعة الخالصة وهو يُراقب الخوف المُنبعث منها جعله سادي تلك اللحظة

قبضت على ثوبها تستمد منه قوة واهية ولكن كيف السبيل وهي بـ عرينه ، داخل منزله مرةً أُخرى، بل وكره الذي يبعث الرجفة بـ القلوب .. إستدارت إليه سريعًا ما أن أحست بـ أنفاسه تحرق ظهرها فـ ظهرت عظمتي لوح الكتف بـ حركة لا إرادية

كانت إبتسامته أكثر ما تخشاه بـ تلك اللحظة..وصوته الناعم الذي يردف به بـ بحة رجولية مُميزة

-أتمنى الأوضة المتواضعة عجبتك…

نظرت إليه شزرًا ولم ترد فـ إتسعت إبتسامته الشيطانية وإقترب خطوتين منها حتى أصبح المسافة بينهما مُنعدمة..شهقت وتراجعت ولكنه لم يسمح لها..بل أمسك ذراعها بـ قوة جبارة وهدر من بين أسنانه

-دلوقتي مفيش حاجة تقدر تمنعني عنك يا دكتورة…

صرت على أسنانها وهى تلعب بـ أخر بطاقة رابحة لها..وضعت ذلك السكين متوسط الحجم على عنقه وهى تقول بـ غضب وعينين تلمعان كـ عيني قطة 

-ومفيش حاجة تمنعني عن قتلك دلوقتي…

إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة أكثر قساوة وأكثر رُعبًا من سابقتها..نظر إلى السكين من طرف عينه ثم إليها..وعيناه تُطالعها بـ مكر..لم تعي ما حدث إلا وهي تشهق ألمًا من فعلته..حيثُ أمسك معصمها وأداره خلف ظهرها مُقربًا نصل السكين منه

إتسعت عيناها بـ صدمة ولا تعرف أتبكي ألمًا لذراعها الذي على وشك الكسر!..أم عضلات جسده الصخرية التي على وشك تحطيم قفصها الصدري وهو يضمها إليه!

إقترب بـ رأسه من أُذنها وهمس بـ فحيح أفعى جعل بدنها يقشعر 

-حتى لو قتلتيني..مش هتقدري تهربي من سجني أبدًا…

صرخت هذه المرة بـ ألم طاحن لها..وهو يضغط بـ يده أكثر على معصمها مُقربًا السكين أكثر إلى ظهرها حيثُ سبب جرحه وتمزيق الثوب..يدها الحُرة هى ما أحالت دون وقوعه عن جسدها

دفعها بعيدًا فـ أسقطت السكين مُحدث دوي يقطع ذلك الصمت..نظر إليها بـ نظرات أحرقتها ثم إستدار ورحل واضعًا يده بـ جيبي بنطاله ويُطلق صفيرًا مُستمتعًا وكأن شيئًا لم يكن

وقبل أن يخرج من الغُرفة إستدار إليها مرةً أُخرى وأردف بـ سُخرية

-وعلى فكرة سواء بيكِ أو لأ كان قُصي هيطلع..مش مستني أعمل صفقة عشان أخرجه..بس حبيت أكافئ نفسي..بيكِ…

جمدتها عبارته الذي ألقاها بـ سُخريةٍ ذبحتها وجعلت نيران الحقد تشتعل بها أكثر..صرخت بـ قهر ثم سقطت جالسة تضرب الأرضية الصلبة بـ قبضتيها تنعي حالها

أما أرسلان بعدما خرج من غُرفتها توجه إلى تلك الغُرفة المُحرمة..أضاء الأنوار ثم توجه إلى حائط بـ عينه ثُبتَ عليه عدة صور فوتوغرافية لعدة أشخاص

جذب قلمًا ما ثم وضع دائرة حول صورة بـ عينها واضعًا بـ جوارها علامة صواب وكأنه أنجز مُهمةً ما..ظل يُحدق بـ تلك الصورة وما بجوارها بـ نظرات قاتمة

الصورة الأُخرى كانت لطبيب ثلاثيني يبدو ألماني الجنسية..عادة بـ بصره إلى الصورة الأولى وكتب أسفلها اسمًا ما ولم يكن سوى اسمها

“سديم”…
[١١/‏٢ ١٠:١٩ م] كاتب: الفصل السابع عشر
ملكة_على_عرش_الشيطان

ربما لم يرغب المرء بـ الحب بـ قدر رغبته في أن يفهمه أحد…

رافقه الضابط إلى الخارج ثم صافحه قائلًا بـ إبتسامة 

-حمد لله ع السلامة يا قُصي باشا…

كانت ملامح قُصي جامدة ، وقاسية بـ درجةٍ مُرعبة..عيناه السوداوين الجذابتين تحولتا إلى أُخرتين قاتمتين..إلا أنه أومأ بـ جمود دون أن يرد فـ أكمل الضابط

-والله أرسلان باشا أخو حضرتك هو اللي خرجك لولاه مكنش نزار باشا إتنازل…

إلتفت إليه قُصي بغتةً ثم حدق به بـ عينين إشتعل بهما لهيب أسود..وبقى هكذا حتى تحنح الضابط وقد أحس أن هُناك ذبذبات غيرُ مُستحبة تحوم بـ الأجواء لذلك أردف

-تحب أوصلك
-لأ…

نفي هادر ويحمل من الغضب والحقد ما يُشعل النيران..ثم تحرك دون أن يلتفت إلى الضابط

بعدما عَبرَ إلى الطريق الآخر..توقفت سيارة وأطل منها مُحرم قائلًا بـ حبور

-قُصي!..الحمد لله لحقتك..حمد لله ع السلامة
-تقدم قُصي من السيارة وأردف:الله يسلمك يا أستاذ مُحرم…

ثم حوّل بصره إلى السائق والرجل بجوراه فـ عَلِمَ أنهما رجلي أرسلان..لتغيم عينيه بـ سواد الكُره..ليعود وينظر إلى مُحرم وتساءل بـ نبرةٍ ميتة على الرغم من جمودها

-سديم فين!…

إرتبك مُحرم وعجز لسانه عن الرد..لأول مرة يشعر بـ الخذي لأفعال إبنته..ولأول مرة يلعن مرضه الذي جعله عاجزًا أمام صفعها بـ قوة

قبض قُصي على فكه بـ قوة ثم أردف بـ نبرتهِ المُميتة والتي بدأت تُقطر حقدًا وكُرهًا إزدادا عقب ترك سديم له

-أخدها صح!..أو بـ الأصح راحتله
-تنهد مُحرم وقال بـ تعب:إطلع يا قُصي نتكلم
-هدر بـ جفاء:مش هركب عربية الـ*** دا…

لم ينتظر أكثر بل تحرك مُبتعدًا ولكن وصله صوت مُحرم يقول بـ جدية

-قُصي!..تعالا عندي البيت..محتاجين نتكلم كتير…

توقف قُصي لبرهه ثم أشار بـ يده علامةٍ أنه يحتاج إلى وقتٍ بـ مفردهِ ثم أكمل طريقه واضعة يديه بـ جيبي سترته

أغمض مُحرم عيناه ثم همس

-إطلع يا بني…

تحرك السائق بـ صمتٍ بينما عاد مُحرم بـ جزعهِ ثم حك جبهته بـ قوة مُتذكرًا قول أرسلان المُحذر

-الكلام دا لا بنتك ولا قُصي يعرفوه ولا عاوزهم يعرفوه نهائي..على الأقل حاليًا…

كان صوته آمر على الرغم من جمود حديثه وملامحه..عاد يتنهد مُحرم مرةً أُخرى وفتح عينيه ينظر بـ الظلام هامسًا

-خايف أضيع الأمانة اللي وصتيني عليها يا سحر…

*************************************

لملمت شتات نفسها المُمزقة وجلست فوق حافة الفراش..أرجعت خُصلاتها إلى الخلف بـ يدها وعينيها تائهه بـ الفراغ..لم تكن سوى أداة ترفيه بـ النسبةِ له..وكأنه لم يأتِ إلى الحياة إلا ليهدم خاصتها

ضربت الفراش عدة مرات بـ قسوة وهي تتوعده..لن يحيا معها حياة هانئة..وإن كان يظن أنه دمر حياتها وأنها خسرت قُصي..ستُظهر له العكس وتحطمه

نهضت ودققت بـ معالم الغُرفة..كانت كلاسيكية ، راقية ، وهادئة..ذات لونين الأبيض و الأسود كـ حال المنزل بـ أكمله المطلي بـ الأسود..وأيضًا الفراش أسود أما الخزانة كانت من اللونين الأبيض ومُزخرفة بـ الأسود والفضي

تنهدت ونهضت لتفتح الخزانة فـ لم تجد ثياب..زفرت بـ ضيق وهي تنظر إلى ثوبها الأسود الواسع..ضحكت هازئة

-فستان أسود زي حياته…

توجهت إلى باب الغُرفة وقبل أن تفتحها..وجدت خادمة تطرق الباب ودلفت

تراجعت سديم وهى تراها تضع حقيبةً ما فـ نظرت إليها رافعة أحد حاجبيها وتساءلت بـ شك

-إيه دا!
-إعتدلت الخادمة وقالت بـ إحترام:الشنطة الباشا بعتني أجيبها من شقة حضرتك وأطلعها ليكِ
-إبتسمت بـ سُخرية قائلة:فيه الخير…

لم تُعلق الخادمة بل ظلت تنظر إليها بـ هدوء لتجذب سديم الحقيبة ثم قالت بـ عصبية زائدة

-طب إتفضلي أنتِ واقفة ليه!
-إنحنت الخادمة وقالت:تحت أمرك…

إحترامها الزائد لها جعلها تشعر بـ الحرج وترتبك إلا أنها آثرت تظهر بـ تلك الهيئة اللامُبالية

إنتظرت رحيل الخادمة لتلتقط الحقيبة وتضعها فوق الفراش..فتحتها وإلتقطت ثوب بيتي ثقيل من خامة ثقيلة ذات لون فيروزي مُذهب..بنطال رياضي ، طويل ، وضيق.. وكنزة قصيرة 

أغلقت الحقيبة ثم بدأت بـ نزع ثوبها وإرتداء الآخر

حزمت أمرها على الخروج وتفحص المنزل..خرجت من الغُرفة وحدقت بـ أنحاء الطُرقة..المنزل بسيط وهادئ..والطُرقة كـ حال باقي المنزل ذات لونٍ أسود..بها غُرفتين خاصتها وخاصته..بـ نهاية المرر يوجد مرحاض

هطبت الدرج الخشبي حتى وصلت إلى الطابق الأرضي..به غُرفة إستقبال و غُرفة الطعام..ثم المطبخ ومرحاض آخر..وبـ الناحية الأُخرى..توجد غُرفة مُنفصلة يختلف بابها عن باقي أبواب المنزل

قاومت فضولها لتفحصها خوفًا أن يكون بها..لذلك زفرت بـ ضيق وتوجهت إلى المطبخ عاقدة العزم على تسخين كوبًا من الحليب

لم تجد أحدًا بـ المطبخ لذلك توجهت إلى الثلاجة وأخرجت عبوة الحليب..بقت تبحث بـ خزانات المطبخ بـ تأفف لتجد ما تُسخن به الحليب

سكبت القليل و وضعته فوق الموقد..ظلت تنظر إليه بـ شرود..عقدت ذراعيها أمام صدرها ولكن تلك اللمعة الخاطفة التي إنعكست على عينيها جعلها تتوقف وتنظر إلى يديها

فـ وجدت أن حلقتها الذهبية لم تنزعها بـ الأساس لذلك بقت تتأملها دون أن تعي لدلوفه خلفها

-اللبن فار يا دكتورة…

شهقت وتراجعت إلا أن يده جذبتها بعيدًا عن الموقد وأغلقه من خلفها..دفعته سريعًا ليتراجع إلى الحائط مُتكئ عليه

لملمت شتات نفسها ثم قالت بـ غضب وهي تُبعد خُصلاتها التي تبعثرت

-مش تعمل صوت وأنت داخل..أنت بقى معاك واحدة ست دلوقتي…

رفع حاجبه ثم نظر إليها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها أردف بـ عبث

-والست دي مراتي..ومن حقي أشوفها فـ أي وقت..حتى لو آآ…

لم تسمح له أن يُكمل إذ قالت بـ غضب زاجرة إياه بـعينيها المُشتعلة

-متكملش..بلاش قلة أدب عشان أنا مش هسمح بـ تجـ…

لم تُكمل حديثها لتشهق مُتسعة العينين وهى ترى جزعه العلوي عار..لتظهر عضلات جسده القوية لعينيها الخجولتين..إرتبكت وأخفضت صوتها ليهرب الحديث من بين شفتيها

إبتسم أرسلان بـ مكر ثم إعتدل بـ وقفته وإقترب منها..حتى وقف أمامها واضعًا يديه بـ جيبي بنطاله الجينز ليهبط إنشين ثم تساءل بـ نبرته العابثة

-مش هتسمحي بـ إيه!..عرفيني…

تنفست بـ حدة وغضب..لترفع رأسها فـ إصطدمت عيناها بـ خاصته العابثة وذلك زادها غضبًا..هتفت بـحدة وتراجعت خطوة إلى الخلف

-تجاوزات وخلاعة
-ضحك أرسلان وقال بـ نبرةٍ ذات مغزى:طب منا متجوزك عشان كدا…

ضرب قلبها جنبات صدرها بـ هلع وقد ظهر خوفها نتيجة لإهتزاز حدقتيها ولكنها حاولت إظهار ثبات تُحسد عليه..رادفة بـ قوة واهية

-طالما إتجوزتني لكدا..ليه مش بتاخده دلوقتي وتسبني!…

رأت فمه يلتوي بـ إبتسامة ساخرة ولكنها تحمل قسوته التي عهدتها ليتقدم منها عدة خطوات صغيرة و بطيئة حتى وصل إليها..فـ جذب خُصلةً من خُصلاتها البُنية ثم همس وهو ينظر إلى عينيها الذاهلتين

-مليش مزاج دلوقتي…

ثم تركها ورحل..أحست هي بـ لكمة قوية أصابتها بـ مقتل..مُحطمة أنوثتها وكبرياءها كـ إمرأة تعلم عِلم اليقين أنها تحمل من الفتنة ما يجعل الرجال عبيد أسفل قدميها..ليأتي هو و يُحطم تلك الثقة فوق رأسها العنيد بـ كل سهولة و يُسر

إحمر وجهها غضبًا لتركل الموقد بـ قدمها مما أدى إلى سكب باقي الحليب لتتركه وتصعد غاضبة وهي تسبه وتلعنه

*************************************

لم يقدر قُصي على العودة ليُقرر أن يمضي المُتبقي من يومه بـ أحد النُزل الصغيرة..قوته خارت وتحطمت ثقته..مشاعره التي أثمرت من جديد بـ وقتٍ قصير عادت تتهدم بـ نفس الطريقة القديمة..هو ذات الشخص الذي تركته خطيبته لأجله ولكنها تركته هذه المرة من أجله..لكي ينجو وهذا جعله يشعر بـ الضعف

وصل إلى نُزل شبه الحديث ليدلف ويحجز غُرفة صغيرة لمدة يومٍ واحد

إتجه إلى الدرج وصعده حتى وصل إلى غُرفته..ولكن أثناء سيره بـ الممر وجد مدفع صغير يركض بـ سرعة الصاروخ حتى إصطدم به

أمسك قُصي ذلك الصغير قبل أن يقع..ثم حدق به

طفل لا يتعدى السبع سنوات..خُصلاته بُنية ناعمة و بشرةً قمحية جذابة وعينيه سوداوين واسعة

نظر إليه الطفل بـ خوفٍ وقلق ثم أردف بـ تلعثم

-أسف يا عمو مكنش قصدي
-تنهد قُصي وقال:ولا يهمك..بس متجريش كدا تاني…

أومأ الصغير وكاد يُكمل ركضه إلا أن صوتًا حاد صرخ من خلفه وهي تتقدم منه

-وليد!!..تعالا هنا…

إرتعد الصغير ليختبئ خلف قدمي قُصي والذي عقد حاجبه بـ تعجب قبل أن يرفع عينيه إلى تلك الجنية الصغيرة..فتاة تكاد تبلغ العشرون من عمرها ذات عيني بُنيتين تتوهجان بـ غضب..وخُصلات سوداء ثائرة تُماثل عينيها غضبًا..ركضت إليه وحاولت جذب وليد وهي تهتف بـ يأس

-كام مرة قولتلك بلاش تتشاقى وتجري من الأوضة..إفرض حصلك حاجة أعمل إيه وقتها!
-صرخ الطفل بـ غضب:أنا مش بحبك..أنا عاوز بابا
-صرخت هي الآخرى بـ غضب:مفيش بابا..قولت مليون مرة مفيش بابا..ويلا تعالا على الأوضة…

كادت أن تُمسكه ولكن يد قُصي منعتها وهدر بـ حدة

-أنتِ مين وبتعملي إيه فـ الولد؟!…

نظرت تلك الفتاة إلى الشاب الرث الهيئة أمامها خُصلاته مُشعثة ، وعيناه حمراوتين ، بهما غضب وحدة..إلا أن حالتها لم تسمح لها بـ الخوف أو تفحصه لترد بـ حدة مُماثلة

-وأنت مالك أنت!..محدش دخلك فـ حاجة…

همت تمد يدها من جديد إلا أن قُصي عاد ويُبعدها لتتسع عينيها بـ ذهول هاتفة بـ صوتٍ عال

-تصدق إنك واحد وقح؟!…

نظر إليها قُصي بـ إزدراء ثم إستدار إلى الطفل..على الرغم من غضبه وتعبه إلا أنه أبتسم بـ وجهه البرئ ، الغاضب ثم قال بـ هدوء

-مين دي يا صاحبي!
-نظر وليد إلى الفتاة قال بـغضب:دي واحدة معرفهاش..خطفتني من بابا…

إتسعت عينا الفتاة بـ صدمة وهدرت بـ غضب تتقدم منه

-وليد!!..أنت فعلًا قليل الأدب وأبوك معرفش يريبك..طبعًا هستنى إيه من واحد حشاش…

نهض قُصي وقد بلغ الغضب محله..ليستدير مُتقدمًا منها وهو يهتف بـ خفوت خطير

-الولد بيقول إنك خاطفاه..يعني ممكن أخدك على القسم حالًا…

إهتزت حدقيتها بـ خوفٍ لحديثه ولكنها أردفت بـ جنون تُبعد خُصلاتها بـ أصابع خرقاء

-أنا أمه والله..بس هو اللي مش راضي يصدق
-وضع قُصي يده بـ خصره وقال:وأنا إيه اللي يخليني أصدق!..مفيش حتى شبه بينكوا؟!…

وضعت يدها فوق جبهتها وهمست بـ إعياءٍ واضح 

-معاك حق..بس هو والله إبني…

نظر إليها قُصي مُتفحصًا ليستشف صدقها ولكن التعب قد بلغ محله منه ليستدير إلى الطفل وسأله مرةً أُخرى بـ تحذير

-متأكد إنك متعرفهاش!!..لو متعرفهاش هخدها القسم والظابط هيتصرف
-أشرقت عيني الطفل بـ حماس ليهتف:وهترجعني لبابا!!…

نظر قُصي إلى الفتاة التي هزت رأسها نافية وعيناها تلمعان بـ عبرات إلا أنه عاد ينظر إلى الطفل وقال

-أيوة هرجعك لبابا
-صفق الطفل وقال:أه معرفهاش…

أحست بـ خيطٍ من الثلج يمر بـ عمودها الفِقري وهي تسمع الطفل يؤكد على عدم إعترافه بها كـ والدته

إستدار قُصي إليها وقال بـ قلة حيلة

-مقداميش حل غير إننا نروح القسم..وهناك إثبتي إذا كان إبنك ولا لأ…

*************************************

دلفا إلى أقرب قسم شُرطة وهى خلفه تترنح بـ إعياء..لم يتعجب قُصي من سيرها المُستسلم بـ الفعل يبدو إنه إبنها فـ هي لم تُحاول الإعتراض

وقفا أمام أحد الغُرف ليُخرج قُصي بطاقته الشخصية ليُريها إلى العسكري الذي ما أن عرف هويته حتى حياه بـ إحترام..ليقول الأول بـ إختصار

-عاوز أقابل حضرة الظابط
-أوامرك يا باشا…

إستدار ليدلف إلى الغُرفة..بينما وليد يُمسك يد قُصي بـ قوة يُؤرجحها ويبتسم بـ إتساع..والأُخرى عيناها لم تكف عن ذرف العبرات

بعد لحظات كانا يقفان أمام الشُرطي الذي حياه هو الآخر بـ إحترام ثم أشار إليهما بـ الجلوس

جلس قُصي ثم رفع الصغير وأجلسه فوق ساقيه..نظر إلى الفتاة التي تفرك كفيها بـ توتر والذي عَلِمَ منها أنها تُدعى رحمة ثم قال دون أن يُحيد بـ نظرهِ عنها

-الطفل دا لاقيناه تايهه وحبيت أدور على أبوه
-بس كدا!…

أومأ قُصي..لينظر الضابط إلى الصغير وسأله بـ لُطف

-تعرف رقم بابا يا حبيبي ولا هو ساكن فين!
-أومأ وليد بـ قوة وقال:أه أعرف رقمه
-طب قوله عشان أتصل بيه…

أملاه الصغير الرقم ليتصل به الضابط وأبلغه عن وجود إبنه بـ القسم ويجب عليه أن يأتي ليأخذه

نظر قُصي من طرف عيناه إلى تلك الجالسة تنظر إلى الصغير بـ رهبة وبعض الخوف الغير مُبرر..إلا أنه آثر الصمت وسكن حتى يأتي والده

بعد مُدة لم تتخطى الساعة كان والد الصغير قد حضر..إنتفضت رحمة بـ ذُعر تتراجع عنه وعن عينيه اللتين ترمقاها بـ نظراتٍ قاتلة فـ جذبت إنتباه قُصي والذي نهض وصافح ذلك الرجل غليظ الهيئة ثم قال

-حضرتك أبو الطفل
-رد عليه ونظراته مُعلقة بـ رحمة:أيوة…

تولى الضابط الحديث وقال بـ هدوء وجدية

-الأنسة وحضرة الظابط قُصي بيقولوا إنهم لاقوه تايهه
-إبتسم الرجل بـ سُخرية قائلًا:أنسة!!!…

نظر إلى الضابط العاقد لحاجبيه بـ عدم فهم وكذلك قُصي الذي نظر إليه بـ تحفز ثم إليها

-تايهه إزاي يا باشا ومعاه أمه؟
-أمه!!!…

نظر الضابط إلى رحمة ثم إلى وليد الذي قد غفى مُنذ قليل بين يدي قُصي..ثم أردف

-الكلام دا صح يا باشا!
-تنهد قُصي وقال:كُنت شاكك..بس بما إن أبوه هنا فـ يقدر ياخده…

وصل إلى أُذنيه همسها المتوسل وهي تنظر إلى صغيرها

-لأ…

كاد أن يتحدث ولكن الصغير قد أستفاق وما أن أبصر والده حتى صرخ بـ حماس

-بابا…

تملص من بين يدي قُصي ثم ركض إلى والده يحتضن ساقيه..إلا أنه لم ينحني أو يُعانقه..بل أبعده وأردف بـ قسوة

-مش قولتلك من النهاردة هتقعد مع أمك!..عشان مراتي مش عوزاك…

شحب وجه الصغير وكذلك الموجودين بـ الغُرفة إلا أن همس وليد هو من قطع ذلك الصمت

-بس أنا بحبك يا بابا ومش بحبها هي…

زعق فـ إنتفض الصغير إلى الخلف لتركض إليه رحمة تحتضنه

-محدش قالك حبها..من النهاردة هتقعد معاها..خلصنا…

قالها وهو ينفض يديه ثم نظر إلى الضابط وقال

-الواد دا مش تايهه ودي أمه..تقدر ترجع معاه يا باشا..سلامو عليكوا…

صرخ الصغير وحاول التملص من رحمة ولكنها أحكمت الطوق حوله فـ بقى يبكي بـ عُنقها..تنهدت بـ تعب ثم إلتفتت إلى الضابط وقالت

-ممكن أمشي!!…

أشار الضابط بـ موافقة لترحل قبل أن تنظر إلى قُصي بـ إتهام..بينما هو لم يُصدق ما حدث أمامه الآن

***********************************

بعد مرور سبعةً أيام

لم يقرب منها أرسلان أو حتى يتحادث معها وهي بـ دورها تتحاشاه ولكنه أمس أخبرها أنه سيُقيم حفلًا ليعلم الجميع بـ زواجهم..رفضت وعاندته ولكنه أردف بـ برود جعل الدماء تشتعل بـ عروقها

-أنا بقولك مش باخد رأيك ومش من حقك الرفض…

وها هي تقف أمام المرآة..تُقرر تحديه..ترتدي زي فاضح على غيرِ العادة..ثوب فضي اللون ينسدل على جسدها بـ ضيق..ذو ظهر مفتوح فـ تظهر عظمتي لوح الكتف ومن الأسفل به فتحة من الساق اليُسرى حتى مُنتصف الفخذ

خُصلاتها قد جعدتها وتركتها حول وجهها بـ جنون..شفتيها والتي قررت أن تصبغها بـ الأحمر القاني وإرتدت حذائها ذو الكعب العال

إلتفتت على صوت طرقات وقد وصلها ضعيف بسبب الضجة بـ الأسفل..ليدلف هو بـ كامل أناقته

يرتدي حلة كاملة من اللون الرمادي يُشابه لون ثوبها..ومن أسفله سُترة ذات أزرار وقميص أبيض..وختم بـ رابطة عُنق سوداء..أما خُصلاته فـ صففها إلى الخلف

رأته يتفحصها بـ تدقيق دون أن يُعلق..تقدم منها خطوة فـ يسبقه عطره الرجولي الصارخ..وصل أمامها وهمس بـ فحيح

-بتحديني صح؟!
-رفعت حاجبها وأردفت:أتحداك؟..ليه إن شاء الله!!..دي حفلة وأنا من حقي ألبس اللي يعجبني
-حك فكه بـ قسوة وهمس:ماشي..بس متلومنيش على اللي هعمله…

جذبها من ذراعها بـ قسوة فـ صرخت إلا أنه قال

-يلا قدامي…

هبطا الدرج وكل الأعين مُسلطة عليهما..كانت هي تتفحص الوجوه المألوفة والغيرُ مألوفة دون إهتمام

أما أرسلان فـ عيناه شخصتا من بعيد تلك الهوية المنشودة والتي من أجلها أقام ذلك الحفل..تلقا التهنئة من عدة أفراد حتى وقف بـ مُنتصف الساحة وهتف بـ أُذنها

-إفردي وشك
-همست بـ إقتضاب:مرتاحة كدا…

صر على أسنانه ثم وضع يده على خصرها يُقربها منه ليُشير بعدها لكي تبدأ الموسيقى ويفتتحان الحفل

تراقص معها لإفتتاح الحفل المُقام بـ مُناسبة زواجهما..وضع يده على ظهرها والأُخرى تُمسك كفها..عيناه المُظلمة تُحاصر خاصتها 

وعلى الناحية الأُخرى..بـ ذلك الركن المنزوي..يقف هو ويتكئ بـ مرفقه على الطاولة ..ينظر إليهما يتراقصان وعيناه تُطلق شرارات حارقة..كانت بين يديه ولكنها إنسلت من بين أصابعه كما الزئبق تمامًا

إلتقت عيناه بـ عيني غريمه ونظراته تُطلق سهام سامة فـ يُقابلها هو بـ أُخرى شرسة تُنبئه أنه لم يخسر بعد..حتى وإن كانت بين يديه جسديًا فـ روحيًا هو لا يزال يمتكلها..وحقًا فهم الآخر فحوى نظراته وهذا جعل عيناه تشتعل بـ نيران مُميتة..هو يمتلكها..هي ملكه

بعد تلك الرقصة التي إستهلكت قواها توجهت إلى الشُرفة المُطلة على الحديقة الصغيرة..إتكأت بـ قبضتيها على السور وأخذت تستنشق الهواء الذي سُحب من رئتيها وهي تُراقص شيطانها

إنتفضت على يده التي وُضعت على كتفها فـ إلتفتت لتبتسم بـ إنشداه قائلة 

-قُصي!!
-إبتسم قُصي بـ دفئ وقال:إزيك!!..بقالي كتير مشوفتكيش
-تنهدت بـ عمق ثم أردفت:كويسة زي ما أنت شايف…

أمسك يدها على حين غُرة وأردف بـ جدية

-جابني النهاردة عشان يوريني إني خسرت..خسرتك
-أغمضت عيناها ثم قالت بـ خفوت:قُصي!..أمشي من هنا بلاش يحصل مشاكل..أنت عارف ممكن يحصل إيه لو شافنا..أمشي عشان خاطري…

إتسعت عيناها وهو يجذبها إلى أحضانه وهدر بـ قسوة

-مش همشي من غيرك
-لأ هتمشي من غيرها…

كان صوته صلب ، مُخيف ، يُشبه زئير الأسد الذي فقد فريسته..وعيناه كانت كـ الجحيم وهو يرى إمرأته بين أحضان آخر بل ويُخبرها بـ كل إصرار أنه لن يذهب دونها وكأنه سيتركهما على قيد الحياة 

إقترب أرسلان منهما ثم جذب سديم التي صرخت بـ ألم من قوة قبضته ليهدر بـ غضب

-أنا جبتك هنا فعلًا عشان أثبتلك إنها مبقتش ليك فاهم!..بلاش تتخطى حدودك ولا تطلع برة الدايرة اللي رسمتهالك…

صر قُصي على أسنانه ثم نظر إلى سديم بـ نظرات نارية قبل أن يهتف بـ صوتٍ ميت

-متفكرش إنك كسبت..لأ..سديم ملكي وهتفضل ملكي..مش معنى إنك إتجوزتها أبقى خسرت..تبقى غلطان…

تقدم قُصي ثم لكم أرسلان بـحدة قبل أن ينظر إلى سديم وهمس

-هرجعلك وهخطفك منه…

إبتسمت سديم بـ خفة قبل أن تومئ له..تخطى قُصي لها ولكنه عاد وهمس

-متخسريش نفسك…

أومأت وقد وصلها مغزى حديثه..أما أرسلان فـ قد كانت عيناه وملامحه نذير شر يُهدد بـ إفتعال جرائم..وقبل أن يتهور وصله صوت رجولي ضعيف بـ اللغة الإنجليزية

-الطبيبة سديم المصري!!..يا لها من صُدفةٍ رائعة..لم أكن أتخيل أن تكونِ زوجة الشيطان…

إلتفتت سديم لذلك الصوت المألوف..لتجده ذلك الطبيب الذي كانت تتواصل معه فيما سبق وقبلها حين أتى إلى جامعتها بـ أحد المؤتمرات العلمية وما أن عَلِمَ بـ شغفها بـ مجال الأورام حتى ساعدها بـ الكثير

إبتسمت سديم وقالت بـ سعادة

-الطبيب ديفيد!!..يا لها من صُدفة..كيف أتيت إلى هُنا؟!
-لقد دعاني السيد أرسلان من أجل زواجكما..مُبارك لكما…

كانت يد أرسلان تقبض على كفها..وقبل أن تتحدث تولى هو دفة الحديث

-مرحبًا ديفيد..لم أكن أعلم أنكما تعرفان بعضكما البعض
-ضحك ديفيد وقال:بلى صدق..زوجتك كانت تتواصل معي سابقًا لتعرف المزيد عن مجال طب الأورام..حقًا أدهشتني بـ شغفها…

نظر إليه أرسلان بـ جمود ثم سحب سديم قائلًا بـ فظاظة

-معذرة..لكن تركنا ضيوفنا الكرام لمدة طويلة..يجب أن نعود
-بـ الطبع…

************************************

إندمجت بـ الحديث مع الطبيب ديفيد وأرسلان يقف بعيدًا عنهما..يحتسي مشروبًا ما ويتحدث مع آخرين..ولكن عيناه كانت تُراقبها كـ الصقر

أما هي على الرغم من شعورها بـ تحديقه ولكنها أكملت حديثها مع الطبيب..وُضع أمامهما مشروبين لتأخذ أحدهما دون تفكير وإحتسته..تقززت من مذاقه ولكنها لم تُظهر ذلك

شعرت بمن يقبض على كفها وهمس بـ حدة

-أنتِ إزاي تشربي حاجة زي دي!
-همست بـ حدة هي الأُخرى:وأنت مالك..وبعدين ما كله بيشرب فيها إيه!
-عض شِفاه السُفلى وقال:فيها إنها خمرة…

إتسعت عيناها بـ صدمة وقد بدأت تترنح حقًا..أمسكها أرسلان وإعتذر ليأخذها إلى أعلى ثم أمر بـ إنهاء الحفل بـ فظاظة

دفعها لتترنح بـ قوة إثر دفعته وإثر الدوار الذي أصابها..لتهدر بـ حدة

-أنت همجي
-وصرخ هو بـ غضب:وأنتِ غيبة..مش عارفة إن دي خمرة!
-صرخت وهي تنزع حذائها:وأنا أعرف منين إنك بتقدم الحاجات دي
-دي كانت للطخ اللي معاكِ..بس أنتِ غبية
-إحترم نفسك…

وضعت يدها فوق جبهتها وقد نال منها الدوار إلا أنها تماسكت وقالت بـ حدة

-دمرتلي حياتي وبتأذي اللي حواليك..أخدتني غصب عني فـ صفقة حقيرة..بتأذي أخوك فـ كل حاجة لمجرد إنه أحسن منك…

أمسك تُحفة متوسطة الجحم من الزُجاج ثم صرخت وهي تقترب منه بـ خطواتٍ مُتعثرة

-أنا بكرهك ولازم تموت عشان أخلص منك…

كانت تهزي بـ سبب ذلك المشروب الكحولي..إلا أنها تمكنت بـ صعوبة من رفع يدها تنوي ضربه بـ تلك التُحفة ولكنه أمسك يدها 

نظر إليها بـ عينين مُشتعلتين ، جامدتين بـ قسوتهِ المُعتادة..فـ حاولت هي أن تُخلص يدها منه هادرة بـ غضب

-إيدي يا حيوان…

بـ لحظة رفع يده الأُخرى وجذب تلك التُحفة ثم قذفها بـ قوة لتسقط مُتهشمة..صرخت ولكن صرختها كانت مصيرها جوفه..إذ وضع يده الحُرة خلف عُنقها وجذبها إليه بـ قوة يُقبلها بـ عُنف وشغف 

إتسعت عيناها من هول الصدمة ولكن عقلها لم يُغادرها كُليًا لتتلوى بين يديه ولكنه قد أحكم الطوق حولها..يده تركت يدها وحاوطت ظهرها والنيران تشتعل به

حملها ليضعها فوق الفراش دون أن يقطع قُبلته وهي بدأ عقلها يُغادرها تمامًا غائبة عن الواقع لتسبح بـ عالم ليس كـ عالمها الواقعي بل عالم لا يوجد به سواها و قُصي

وهو يعلم أنه سيندم على ذلك صباحًا..يعلم أن سيستيقظ وما يحدث الآن سيُطارده غدًا والأيام المُقبلة ولكنه ترك لنفسه و لغضبه العنان وهي بين يديه..لم يكن بـ حسبانه أن يغوض معها تلك المشاعر بل لم يكن يُريد من الأساس
[١١/‏٢ ١٠:١٩ م] كاتب: الفصل الثامن عشر
ملكة_على_عرش_الشيطان

لا وجود لمدينة فاضلة إلا بـ مُخيلة أفلاطون…
فـ الإنسان لا يبحث عن الفضيلة وداخله فساد يروي ظمأ نفسه المريضة…

لكلٍ غاية والغاية تُبرر الوسيلة…

دلف قُصي إلى شقته بـ فتور و غضب..بـ داخله يأبى التخلي عن سديم وعشقه لها وخارجه يتسول حلّ قيوده

قذف مفاتيحه فوق الطاولة ثم إتجه إلى المطبخ..نزع كنزته وألقاها بـ إهمال ثم قام بـ إعداد فنجان قهوة

وبعدما إنتهى عاد إلى غُرفته ثم أخرج بعض الأوراق التي حصل عليها خلسةً بـ مُساعدة الضابط أيمن..بدأ بـ مُجلد كُتب عليه نزار العبد..إسودت عيناه بـ حقد ثم فتحه

بضعة معلومات عادية وقصة بناءه لشركة الأمن خاصته..ولكن بعض الزيارات بينه وبين وزيري الإقتصاد والتجارة بـ أماكن مهجورة لم يتم التحقيق بها

تركه وهو يزفر بـ غضب..إرتشف من قهوته ثم تناول مُجلد أسود اللون..كُتب عليه ديفيد ويليامز طبيب ألماني الجنسية من أصول روسية..حدق بـ صورته الشخصية لتضيق عيناه..وضع يده فوق جبهته وهمس

-أنا شوفته فين!…

حاول التذكر ولكن ذاكرته لم تُسعفه..تنهد بـ قوة ثم أمسك بـ الورقة الثانية ليجد بها صورة فوتوغرافية قد تم إلتقاطها له أثناء صعوده لسيارةً ما ومن بها لم يكن سوى نزار العبد

إتسعت عينا قُصي ليجذب مُجلد نزار العبد وفتحه ثم بحث بين صفحاته حتى وجد اسم الطبيب مدون بـ جوار اسمه وتم رصد مقابلتهم بـ يومين قبل حادث قتل عائلته

أمسك مُجلد الطبيب وبحث بين صفحاته حتى وجد أنه تم طرده من العمل بـ أحد المشافي بـ ألمانيا نتيجة لإشتباهِ بـ أعمال خارجة عن القانون ولم يتم الإفصاح عنها

ظل قُرابة الخمس ساعات وهو يتفحص المُجلدات أمامه لكن دون جدوى..الأمور تزداد تعقيدًا وتشابك..كُلما ظن أنه توصل إلى طرف الخيط فـ لا يجد سوى عقدة عرقلت تقدمه

وضع يده خلف رأسه وتراجع بـ جسدهِ قائلًا 

-الموضوع محتاج ناس كانت متورطة فـ الموضوع دا…

نظر إلى ساعة يده ليزفر بـ ضيق فـ لم تكد تبلغ السادسة صباحًا..نهض ولملم الأوراق ثم هتف بـ جدية

-لازم أقابل أيمن وأعرف أكتر عن الموضوع دا…

************************************

دقت عقارب الساعة السابعة صباحًا مُعلنًا عن صباح يومٍ جديد ربما أكثر إشراقة للبعض وللآخر الصباح الأكثر ظلامًا

بـ غُرفةِ نومها كانا ينامان بـ هدوء..رأسها فوق ذراعه وتوليه ظهرها..خُصلاتها المُشعثة مُترامية فوق كتفيها العاريين و ذراعه القوية أسفلها

إستدارت سديم تتململ بـ نومها حتى فتحت عيناها لتقع على وجهه النائم..ما أن أبصرته حتى إتسعت عيناها بـ قوة و رهبة شاهقة بـ صوتٍ مكتوم

نظرت إلى جذعهِ العار ثم إليها لتجذب الغطاء حتى عنقها بسرعة..همست بـ صدمة وجسد يرتعش

-مُستحيل…

رغم ألم رأسها نتيجة المشروب إلا أنها لم تأبه سوى لتلك الكارثة التي حدثت..تذكرت أحداث أمس وكيف إنتهت بين أحضانه..عند ذلك الحد لم تتحمل لتنهض بسرعة جاذبة ما وقعت يديها عليه ولم يكن سوى قميصه..وضعته فوق جسدها تستر عريه وعري روحها ثم ركضت خارج الغُرفة إلى المرحاض

إثر خروجها..إصطدم الباب بـ الحائط فـ أيقظ أرسلان..فتح جفنيه الناعسين ناظرًا بجواره ليجد الفراش مُشعث..نهض بـ جزعه ليتذكر هو الآخر ما حدث

أغمض عيناه بـ غضب واضعًا يده خلف عُنقه مُحدقًا بـ الأرض المملؤة بـ ثيابهم..صر على أسنانه بـ قوة حتى أصدرت صوتًا يدل على مدى غضبه

لم يكن يُريد أن يحدث ما حدث..غضبه المجنون يوصله إلى مُنحدر يعلم أن لا صعود منه..تنهد بـ ثقل ثم نهض يرتدي بنطاله

بحث عنها بـ الغُرفة ولكنه لم يجدها..توجه خارج الغُرفة وحدق بـ الممر ولكن أيضًا لا وجود لها

توجه ناحية غُرفته ولكن صوت مياه جذب إنتباهه ليتجه إلى المرحاض المُلحق بـ ذلك الطابق..وجدها تقف أمام حوض إغتسال الوجه ليبقى بـ هدوء يُتابع ماذا ستفعل

لم تُصدق ما حدث..لم تُصبح هي..خائنة أم رخيصة! لا تدري أيهما هي ولكن بـ الطبع ليست سديم

فتحت أزرار قميصه وحدقت بـ جسدها..فكها ، عُنقها وعظمتي الترقوة مُدمغين به..علامات بنفسجية وزرقاء إنتهكت عذرية جسدها..بـ الطبع لم تعد هي

إتكأت بـ يديها على حوض إغتسال الوجه و تمتمت بـ قهر و ألم

-إزاي خليته يلمسني!..إزاي بس وليه!!…

إنتفضت على صوته الجامد وتراجعت عندما أردف بـ قسوة

-زي الناس..مش أنا جوزك ولا حد تاني!..يظهر نسيتي أنا إتجوزتك ليه…

تقدم خطوتين وكاد يُمسك ذراعها إلا أنها تراجعت مُبتعدة ثم صرخت بـ نفور

-إبعد إيدك القذرة دي عني..أنا قرفانة من نفسي لأنك لمستني…

توحشت عيناه بـ درجة أثارت الرُعب بـ داخلها حتى إصطكت أسنانها خوفًا..ملامحه أظلمت بـ قدر ظلام عينيه الدامس

بـ لحظة خاطفة جذبها إليه ثم توجه بها إلى حوض الإستحمام..شهقت وحاولت التملص ولكن يديه كانت كـ القيد الحديدي

دفعها بـ قوة ثم أدار مقبض المياه لتنهمر فوق جسدها..جذب سائل الإستحمام و سكبه أيضًا عليها ليقذفه بـ طول ذراعه حتى تحطمت العبوة..عيناها كانت بـ أقصى إتساعها وهي لا تستوعب ما يحدث

كان الماء ينهمر على كليهما دون حديث بينما يقطع الصمت صوت أنفاسه الحارقة والتي بدت كـ صوت الرعد..ثم بعدها هدر بـ صوتٍ مُخيف

-سمعيني قولتي إيه تاني!…

تنفست بـ حدة من بين شفتيها المُرتجفتين وهي تُحدق بـ عينيه المُظلمة لتهمس بعدها بـ فتور مُخفية خوفها 

-اللي سمعته…

إقترب منها حتى إمتزجت أنفاسه بـ خاصتها ثم أردف بـ فحيح واضعًا يده بجوار رأسها

-وأنا حابب أسمعه تاني
-رفعت حاجبها وأردفت بـ برود ظاهري:حابب تسمع إنك اللي أجبرتني!…

رأت فكه الحاد يتشنج وعيناه تتجمع بها شُعيرات حمراء غاضبة ولكن شفتيه تبتسم بـ سُخرية ونبرته خرجت هازئة

-بس مكنش دا كلامك إمبارح وأنتِ بين إيديا!…

حينها خرجت الكلمات من بين شفتيها بـ تلقائية علمت أنها ستندم عليها ولكنها أرادت إهانته و إهدار كبرياءه الرجولي لما سببه لها من الإحساس بـ الرُخص

-كنت شيفاك قُصي…

ساد صمت مُهيب بـ المكان..أضفى رُعبًا يليق بـ هيئة أرسلان والتي حقًا بدت كـ شيطان..حدقت بـ عينيه المُستعرة بـ نارٍ كـ الجحيم دون أن تجد قدرة على الإشاحة بعيدًا..قلبها الذي ينبض بـ جنون بين أضلعها كاد أن يقف من فرط رُعبها منه

حبست أنفاسها وهى تراه يدنو منها ثم همس بـ نبرةٍ ذات نذير شؤم 

-عارفة راجل غيري كان دبحك على قولتيه دا..بس أنا مش هدبحك أنا هخليكِ تتمني الدبح مطوليهوش…

لكم الحائط خلفها بـ قوة ثم تركها ورحل..حينها فقط سمحت لساقيها الرخوتين أن تسقط بها أرضًا و جسدها يرتجف بـ جنون

*************************************

كان جسدها ينتفض بردًا وكذلك روحها المُدماه..توجهت إلى غُرفتها ولكنها سمعت صوت تحطيم عنيف يأتي من غُرفته..تسمرت مكانها وقلبها ينتفض لصوت التحطيم

ضمت طرفي القميص إلى صدرها وظلت واقفة تُقطر ماءًا فوق الأرضية

بعد دقيقة سمعت صوت بابه يُفتح بـ قوة وهو يخرج ينفض يده النازفة دمًا لتتراجع إلى الخلف عدة خطوات خوفًا

توقفت دقات قلبها حين إستدار إليها ونظر إليها بـ جحيم عينيه المُلتهب والذي مَثَلَ قبرها..شهقت لذلك المشهد فـ سقطت أرضًا

هو يُحدق..وهي كذلك
هو يتوعد..وهي تكيد
هو النار..وهي الماء
هو يبتسم..فـ يُسطر نهايتها

نهضت تتحامل على ساقيها المُتخاذلتين تحت نظراته التي تحرقها..تحسست طريقها حتى وصلت إلى باب غُرفتها..فتحته ودلفت مُغلقة إياه خلفها بـ المُفتاح..بينما هو لا تزال إبتسامته ترتسم على وجهه فلا تُزيده إلا رُعبًا

نفض الدماء مرةً أُخرى ثم توجه أسفل..نادى أحد الخادمات بـ صوتهِ الجهوري فـ أتت فزعة..تضع وجهها أرضًا ثم تفوهت بـ خفوت

-تحت أمرك يا باشا…

أشار بـ يدهِ إلى الأعلى وهدر بـ نفس نبرتهٍ الجهورية حتى وصلها صوته

-أرجع ألاقي الهانم اللي فوق محضرة الأكل والبيت كله تنضفه ولو شميت خبر إن حد ساعدها هتبقى نهايته…

بعدها رحل وترك الخادمة تزدرد ريقها بـ صعوبة..تنهدت بـ راحة ثم جرت أقدامها إلى الأعلى وطرقت باب الغُرفة قائلة بـ إحترام

-ست هانم!
-وصلها صوتها الغاضب:سمعته..روحي أنتِ
-مطت الخادمة شفتيها وقالت:طيب…

أما بـ داخل بعدما إرتدت ثيابها وسمعت صوته الجهوري يأمر وهي يجب عليها التنفيذ حتى ظلت تذرع الأرض ذهابًا وإيابًا ، غضبًا وحنقًا..ضربت على ساقها بـ قبضتها وهدرت

-ماشي أما أشوف أنا ولا أنت…

************************************

بـ طريقهِ إلى الضابط أيمن كما عقد العزم مُنذ ساعات..لم تذق عيناه النوم إلا لساعةٍ واحدة..إستعاد بها نشاطه المسلوب

صدح هاتفه بـ اسم سديم فـ سارع بـ الإجابة قائلًا بـ لهفة

-سديم!!..حصلك حاجة!
-أتاه صوتها الهادئ:لا أبدًا حبيت بس أطمن عليك بعد اللي حصل إمبارح..أنت كويس!
-إلا أنه قال بـ قوة:أنتِ كويسة!..أذاكِ فـ حاجة؟!…

صمتت سديم ولم تجد قُدرة على الإجابة..بينما تسمر قُصي وتباطئت دقات قلبه وهو يهمس بـ خفوت

-سديم..أذاكِ!…

إبتلعت غِصتها ثم أجبرت صوتها أن يخرج طبيعيًا قائلة

-لأ أبدًا..زعق وكسر بس مجاش ناحيتي
-سألها بـ تشكك:متأكدة!…

إلتوى حلقها بـ ألم وهي تجده يُكمل بـ جدية وصرامة

-لو قربلك بـ أي شكل أنا هاجي أخدك وحالًا
-هُنا صرخت بـ خوف:بلاش..عشان متتأذاش…

أوقف سيارته فـ أحدثت صريرًا عاليًا ليهدر بـ حدة

-هو أنا لسه متأذتش!..أنا إتأذيت بيكِ يا سديم
-همست بـ تأوه:قُصي…

أغمض قُصي عيناه يضرب رأسه بـ المقعد خلفه قبل أن يقول بـ قلة حيلة

-رغم إنك جرحتيني بس أنا بحبك يا سديم ومقدرش أشوفك بين إيديه..أنا خايف أأذيكِ وأذي اللي حوليا..عاوز أخطفك وأخبيكِ و فـ نفس الوقت كرامتي مش سمحالي…

كتمت سديم شهقتها واضعة يدها فوق فمها ليُكمل هو حديثه

-كل أما أفكر فـ إمبارح نار بتقيد فيا..نار بتاكل روحي..مش عاوز أخسرك يا سديم..إرجعي وأنا هخلصك منه…

هبطت عبرات صامتة وهي تتحسر ل?

الفصل السابع عشر والثامن عشر من هنا 


في نهاية مقال رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16 بقلم اسراء علي نختم معكم عبر بليري برس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى